
حميد الجوهري :
لقيت في دروب الحياة كثيرا من الأصدقاء العقلانيين، وجدتهم على سبيل من الحماسة للعقل و تدبره، فأحمد لهم ذلك و أعجب بطريقتهم ..، و لا أخفيكم معشر الأصدقاء أني أسلك مسلك التأمل بعد كل لقاء فكري، أتقي به أشواك الخلاصات التي أستمع لها، و بذلك أبتعد عن التقليد الأعمى ، المناقض للتبصر المطلوب..!!!
و قد ساعدني في ذلك، بعد جهد جهيد، تخلصي من الولاء الأيديولوجي، ذلك الذي كان يعلو بنا في مقامات الكبر، حتى يخيل إلينا أننا ننتمي للفرقة الناجية..!
غير أن الحماسة في متابعة منتوج بعض العقلانيين تخبو عندي كل حين، حينما أصطدم بنتائجها المخيبة، تلك النتائج المناقضة للمنطلقات..، فلا نكاد نرى منتوجا نسقيا متجانسا، بعد أن يخبط أصحابنا العقلانيون خبط عشواء في ما ينتجوه من كلام، سمته التناقض، و منبعه العواطف المبنية على إثر اتساع دائرة المتابعين..، فإذا بهؤلاء ” العقلانيين” سجناء لما عابوه على مخالفيهم..!
أتفرج كل يوم على أحدهم، و هو لا يترك يوما دون أن يدون سبابا أو تهكما على ما خالفه، لا يضع ذلك في ميزان العقل كما كانت بدايته، و هو في كل تدوينة منشغل بقراءة تعليقات المصفقين الذين نسميهم في دارجتنا ب”المغرقين”، و هو لا يدري أن هؤلاء أوقفوا عجلة تأملاته الفكرية، و أضلوه سواء السبيل..!