د : عز الدين ابراهيمي:
في البداية يجب أن نقف وقفة إجلال لكل المغاربة و ننوه بتضحياتهم خلال جائحة الكوفيد… من الانضباط للحجر و تحمل تقتير القيود و تنغيص في اللقمة و العيش… و الأدهى و الأمر فقدان الأحبة و عجز المرض لأيام… و لكن الحمد لله، ها نحن نعود تدريجيا للحياة… و المغرب يربح تنافسية اقتصادية كبيرة بنسبة نمو تفوق الخمسة بالمئة… و أملي أن يتم الاعتناء ببعض القطاعات التي لازالت متضررة و أذكر اليوم بالخصوص لا الحصر… القطاعات المقرونة بالسياحة و التي مازلت تئن تحت وطأة الجائحة و بعض القيود و التي نتمنى أن يرفعها مدبرو الأمر العمومي قريبا إن شاء الله… و لكن يبقى السؤال المطروح هو متى نخرج نهائيا من الأزمة… شخصيا أرى و من الناحية العلمية كثيرا من الأمل في خروج المغرب من الأزمة قريبا إن شاء الله… و لاسيما بعد استقراء المعطيات الجينومية و تطوير عقار “مولنوبيرافير”… وظهور المفهوم الجديد ل “المنظومة الصحية المرنة” لدينا…
حالة جينومية مستقرة تدعم القراءة الوبائية…
و كما وعدناكم و منذ بداية الجائحة… نعود بين فترة و أخرى لاستقراء المعطيات الجينومية… حنا حديث و مغزل… و في هذا الإطار نفتخر بأننا نشرنا أكثر من 15 بحث حول الكوفيد منذ مارس 2020 من أكثر من 35 بحث دولي في مجلات علمية دولية محكمة… و بهذه المناسبة، أتمنى أن يتقاسم معنا خبراءنا حول العالم بعض أبحاثهم بدل الشتم و القذف و التخوين…
وفي هذا الإطار أنشئ مختبرنا قاعدة بيانات جمع فيها قرابة مليونين من جينومات كورونا حول العالم و تمكن لكل باحث حول العالم من تحليل التغيرات الجينومية و الطفرات حول العالم… و يمكنكم الاطلاع عليها من خلال الرابط التالي:
http://idbsv.medbiotech-lab.ma/
و في نفس الوقت و السياق، وضعنا بحثين قيد النشر حول التوزيعات الزمنية للسلالات في المغرب وكل القارات… و رغم ما يعتقده الكثيرون في كون فيروس كورونا غير مستقر من الناحية الجينومية و الجينية … فالمعطيات تنحو غير ذلك… فرغم الملايين من الطفرات و المئات من السلالات إلا أنه لحد الان لا توجد إلا أربعة “سلالات مثيرة للقلق” (VOC) ذات تأثير كبير على الحالة الوبائية و أخرها السائدة حاليا دلتا (أنظر المبيان)… قرائتنا للمعطيات تخلص إلى ظهور متحور خطير بوتيرة كل ثلاثة أو أربع أشهر… و هذا لا يقارن بتحور فيروسات أخرى… لهذا وجب استغلال هذه الفترة مابين الموجتين لجعل أزمة دلتا أخر موجة مؤثرة على منظومتنا الصحية بمشيئة الله… على أمل أن تصمد منظومتنا الصحية، و التي يجب أن تصبح “مرنة” في وجه أي موجة أخرى… و لا سيما كذلك بعد تطوير دواء جديد من طرف شركة “ميرك” يمكن من علاج الكوفيد…
هل يكون “مولنوبيرافير” الحبة السحرية ضد كورونا؟
خبر أخر يبعث كثيرا من الامل هو الترخيص المرتقب لدواء “مولنوبيرافير”الذي طورته شركة “ميرك”… فبالفعل تقدّمت هذه الشركة بطلبٍ لهيئة الدواء والغذاء الأميركية للتصريح بالاستخدام الطارئ لعقار “مولنوبيرافير” المضاد لفيروس كورونا… و سيساعد هذا الدواء على تغيير مقاربتنا العلاجية من استعمال البروتوكولات إلى استعمال عقار طور خصيصا ضد الكوفيد… و لاسيما إنّه بالإمكان تناول العقار في المنزل و عن طريق الفم… و قد أبان هذا العقار فعالية كبيرة في تجربة المرحلة الثالثة التي شملت أشخاصًا مصابين بفيروس كورونا… فقد ساهم “مولنوبيرافير” في ارتفاع معدلات الشفاء من فيروس كورونا بنسبة 50 بالمئة و انخفاض عدد الوفيات بنسبة 50 في المئة كذلك بين المرضى المصابين… بل أكثر من ذلك، فلم تسجل أي حالة وفاة بين الأشخاص الذين تلقوا العقار في التجرية السريرية… و سيجعل الترخيص لهذا العقار علاج المرضى في وقت مبكر من العدوى أسهل بكثير وأكثر فعالية وسيمنع الازدحام في المستشفيات و الضغط على المنظومة الصحية… إيوا و حنا…
أظن أنه يجب أن نبقى أوفياء لمقاربتنا الإستباقية… أولا بالنظر في ملف الترخيص لهذا الدواء في أول فرصة ممكنة و ذلك من طرف مديرية الأدوية و الصيدلة… و ثانيا محاولة عقد اتفاقيات مع الشركة المنتجة للعقار لتمكين المغاربة منه في حالة الإصابة لا قدر الله…
و في الأخير، و نحن نستسيغ أن القرن الواحد و العشرين سيكون قرن أزمات صحية… يجب أن نقبل المفهوم الجديد ل “المنظومة الصحية المرنة”… التي تتمكن من “التمدد” بمرونة بتعبئة الموارد البشرية و الإيوائية في مواجهة الأزمة… دون الإضرار أو المس بعناية المرضى الآخرين… و “تتقلص” و تعود إلى مهامها الأصلية حين الخروج من الأزمة… هذا المد و الجزر و استيعاب المعلومة العلمية الآنية و أجرئتها من أجل رعاية أنجع للمريض… يمثلون تحديا حقيقيا لتأهيل منظومتنا الصحية… و لنا عودة لهذا الموضوع في تدوينة قادمة إن شاء الله و كذلك من أجل استخلاص بعض الدروس من محنة كورونا… و الله ولي التوفيق…
و حفظنا الله جميعا…