
ذ . محمد علوى
☆ ☆
تماهيا مع ما نعيشه هذه الأيام من ترف و طفرة ثقافية بالمعرض الجهوي الحادي عشر للكتاب بالقصر الكبير الغنية بتراثها الثقافي ، و ما شوهد من اهتمام بليغ تجلى في تنوع الحضور و نوعيته ، و ارتياده لفضاء عروض الإبداع و النقد و القراءات في كل الأجناس الأدبية ، من شعر فصيح ، و زجل و رواية ، و إصدارات حقوقية و اجتماعية ، و بما أن مدينتنا تزخر بهذا الزخم من الرأس المال الثقافي فمثقفيها يأملون في القائمين على شأنها الثقافي أن يتفاعلوا إيجابيا ويضعوا نصب أعينهم توفير مكتبة بمواصفات حديثة بناء على قناعة ( عقل المدينة مكتبتها ) لأن ما يثير انتباه أي زائر لمدينة القصر الكبير من طلبة باحثين و شخصيات عامة وخاصة وطنية و دولية يودون البحث أو الدراسة أو للسياحة و الترفيه ، يلاحظون غياب مكتبة عامة متكاملة تليق بمكانتها و تعكس رأس مالها الثقافي وعمقها التاريخي ، لأن هذه المدينة تستوفي شروط و مقومات إقامة هذه المكتبة لأنها حاضرة غنية بعلمائها و أدبائها في مختلف الفنون.
من هذا الهاجس الذي يؤرق ساكنة المدينة باختلاف مستوياتها ، ارتأيت معالجة هذا الموضوع قدر الإمكان و أرجو من الله التوفيق.
معلوم أن كل حاضرة لها حضور علمي جلي و تراث ثقافي عريق ، كالقصر الكبير ، من البديهي أن تتوفر فيها مكتبة عامة ، تتماها و هذا الحضور باعتبار المكتبة عقل كل مدينة و خزانها المعرفي ، لذلك لا مناص من التطرق الى ماهية المكتبة و اهتماماتها و أهميتها.
المكتبة العامة ، مؤسسة خدماتها مجانية ، تفيد الفئات المجتمعية بمختلف توجهاتها ، دون تمييز ، و تتلخص أهدافها في التنشيط الثقافي و إنماء الوعي الفكري بكل تجلياته لذى كل فئات المجتمع ، إذ تعمل المكتبة العامة بالإضافة إلى اروقة الكتب المعروضة على عقد الندوات و المحاضرات و موائد الدراسة ، و مناقشة الكتب و الأفلام والبرامج ، فتكون وسيطا فعالا مباشرا ، بين منتجي الثقافة و الفكر ، و الجمهور المتلقي ، فيغني التراكم المعرفي و التلاقح الثقافي
إن المكتبة العامة مؤسسة تحفظ المنتوج الفكري الإنساني ، الذي ينقل من جيل سابق لجيل لاحق ، يغنى من خلاله التثاقف و تفاعل الفكر بكل توجهاته.
تتلخص أهمية المكتبة العامة في العناصر التالية:
– أنها حلقة وصل في نقل التراث الثقافي عن طريق ما تزخر به من كتب و مجلات و مراجع بمختلف توجهاتها العلمية والأدبية .
– تقدم المنتوج الثقافي مصنفا و مرتبا حسب المستويات الفكرية و التنوع العلمي.
– هي وسيلة تربوية فعالة تروم التهذيب و التعلم و الانضباط و الترفيه و إمتاع الشباب و الطفولة.
– تساهم في إيجاد حلول للمشكلات عبر الندوات و العروض و المحاضرات باعتبارها قوة اقتراحية فكرية قوية.
وبذلك نخلص إلى أن المكتبة عقل المدينة ، يوجب على المسؤولين الجماعيين ، و فعاليات المجتمع المدني ، و الفرقاء الاجتماعيين و السياسيين ، و الحقوقيين اعتماد المقاربة التشاركية لسد هذا الخصاص و الترافع من أجل تحقيقه ، لأنه مشكل تعاني منه المدينة وساكنتها.
وفي الختام أتمنى أن أكون قد بلغت الرسالة ، و الله المستعان.