
من تقديم أمينة بنونة
محمد الخمار الكنوني في الذاكرة
إعداد وتنسيق الأستاذ محمد العربي العسري
مرثية إلى روح الشاعر الحبيب محمد لخمار
د. حسن الطريبق
حين رنّٓت بأذنيك أصواتنا وتٓلٓفتْتٓ، منزعجاً، تتساءلُ
أيْقنتُ أن النداء انقطاعٌ غدا ينضاءلُ
ما رام أفقاً ولا أرٓبٓا
كيف نأتيكٓ بعد التساؤلٓ،
بعد التّٓضاؤلُ
يا فاقدٓ الوعي والحركهْ؟
با بعدا خامه را الحفال
كيف نأتي إليك لنُصغي للمطربين بِحيك من بعدما تركوا الطّٓربا؟
لم يوزِّع عليهم ساق كؤوسٓهُ، رغم الشكاية، من بعدما ضاع من يده الزق أو تركه
أي شعرٍ يعيدك للوالهينٓ إذا فُتنوا بعدما لُذْتٓ بالصّٓمتِ في المقبره؟
أي شيء يُعيدُ إليه حياتٓهُ أو عُمرٓهُ؟
كنت رٓحْلاً يسير على غير رِجليْه في الذاكرة
عُدتٓ خاطرةً بيننا عابِره
عٓبْرٓ ظلِّك كنا نرى ما بقصْركٓ يمتدًُ من خُضْرةٍ ناضِره
لم يغصْ ماؤها دون ماءِ، وشمسٍ، ونخلٍ بـ “سيدي يعقوب ” يحمل
طول انزوائكٓ في ظله ما تمايلٓ دون فُتور
الزهور
لمْ يعُد يتكسّٓر من نبتٓةِ الحُلمِ ما قد تركْتٓ لنا من خمائلها مُطْلٓقاتِ
الزهورْ
لو سألناكٓ: ما قد تركتٓ؟
نُجيب: وما قد أخذتٓ إلى مُبهمٍ أنت فيه رجعتٓ المكانْ؟
أنت حبٌ، ورفضٌ، وأيُّ انزواء بأي زمانْ
حملتك المظنةُ عبر اتساع سخيِّ المعارف يزكو به كلُّ فهمٍ عميقْ
كوّٓمتٓه خطى الراجلين بكل طريقْ
فأتيتٓ إلى غير ما كنتٓ تعبدُهُ ثم أوقدتٓ ناركٓ فيك وقد أطفأ الداء فيك الحريق
ورجعت به آهة هي من بعد “آخر آه” لسانُك في الأولِ
ثم أجريتٓ ماء القصائد في صمتك المعولِ
كيف، حقا، نغنِّيك حين غدوت الصدى
في المدى
أتحين، الطلاوة في لحظة كلها قلق فاتر؟
أتحين الرخاوة في عسرها ويبعثرها في صحائفه الناشر ؟
كنت في مسكرات الرضا وافر العشق لا يتبتل فيك رضاك
ودخلت إلى عالم مبهم يتمزق فيه هواك
أين أنت إذن؟ أبمنكسر يتعاقب في حزنه؟
أين أنت إذن؟ أبمنجرد ضج بالخوف في ظنه
كيف لا يتزاحم في ساح شعرك من شعراء الطوائف محفلهم واجفا؟
كيف لا يتصلب في كل أعينهم دمعهم؟ كيف لا يتسمر في مائها واقفا؟
أيموتون فيك إذا رثوك بأشعارهم؟
أتكون كا هم بفكرك كانوا بأفكارهم؟
كيف صرت لنا شاعرا يتحقق فيه بكاء الرفاق؟
ويهدئ ما صار بعد هدوئه بعض اصطفاق؟
أغدوتٓ عيونهم؟
أغدوتٓ ظنونهم؟
فارتميت على النظرات ارتماءة موج وكسّرت أكؤسنا عبر ضفاتِ
نهركٓ فيما وراء رمادك في هسبريس
فجريْت، جنوباً، لعلك تخرج من ألم يتكون فيك
ولیس به ما سيشفيك
حتى وإن قمت يوما تباركه وتجدد فيه عروسته والعريسْ!
أينما نزل الغيث كنت رِباعٓهُ يا شاعري
أينما غرد الطير كنت الغِناءٓ وكنت المصيخ لأغرودة الطائرِ
أثبت لنا ما لدى السحر والساحر؟
وتُفتُِّت جِسمكٓ في سفر موجعِ، قلق، عابر ؟.(ص.279/280/281)
_العلم الثقافي/ 1991_