إشراقات ثقافية : إلى اللقاء في رماد هسبريس د/ سعيد علوش

17 أبريل 2023

إشراقات ثقافية
من تقديم أمينة بنونة
محمد الخمار الكنوني في الذاكرة
إعداد وتنسيق الأستاذ محمد العربي العسري.
إلى اللقاء في رماد هسبريس
د/ سعيد علوش

يفقد المغرب للمرة الثانية شاعرا آخر هو محمد الخمار الكنوني في غضون فترتين متقاربتين بعد أن أبنا عبد الله راجع في السنة الماضية، هل هو موسم قطاف الشعراء الطليعيين ؟
لقد قيل في شبه مواساة ساخرة خلال السنة الماضية: الدور المقبل سيكون لباقي الأجناس
الأخرى! إلا أن الموت يعشق الشعراء المتميزين فليهنأ شعراء الأندلسيات والأدونيسات، فقد خلا لهم الجو ليصفروا ويعولوا..
لست أدري كيف أفسر أول رد فعلي لما حمل إلي الهاتف نعي محمد الخار الكنوني
لقد سارعت إلى ديوانه باحثا عن (رماد هسبريس) فهالني أن أجد أمامي سيابا (غريبا
على الأقصى) يرثي (السور الغربي) بأبوابه وحصاره وكلامه، منتفضا (ضد التواطؤ)
ومشهرا بـ (يهوذا العضوي) وقارئا في شواهد القباب. لأنه كان يعرف بحدسه الشعري
أن (الموت على الأبواب).. للذين يعرفونه ولا يعرفونه. للذين يعرفونه ويودون تجديد تعرفهم عليه، اقترح تقديم مقتطفات رثائية من أشعار محمد الخمار
الكنوني: (غريب على الأقصى) إذ سيفاجأ الجميع بأننا أمام شاعر مقل يرثي عصره في
حياته، في مكابدة صوفية بعيدا عن الأضواء وسرقتها من الآخرين: لا تنظيرا ولا
تكتلا. لقد جاء السحر، وراح فجرا، في خلسة عن أعين الفضوليين والنقاد والجامعيين، لأنه كان على عجلة من أمر استجابته إلى نداء الحدائق الأسطورية على المحيط الأطلسي:
..هسبريس.. وما حملت من رماد وماء وبرق وسنی
تنادديك باسمك .
(…)
هسبريس.. تناديك باسمك في كل عام، تذبح أبناءها وتقول:
من خلال الرماد رأيتك نارا، فنارك فيك فنارك فيك.. (59/58)
أيها الأخ الشاعر، لا أجد كلمات لتأبينك أبلغ من مقتطفات شعرية من مرثيات
قصائد ديوانك في (رماد هسبريس) هذه الوصية- الإرث التي أحصيناها في ممتلكاتك
الرمزية اليتيمة.

ففي قصيدة (قراءة في شواهد القباب) نقف عند عنونة (شاهد مؤرخ بأحداث جسام) لنشر بقوة الرثاء
“لا حول
ولا قوة إلا بالله
هذا مرقد زين الناس، وجيه الناس
ابن غريب الوجه بن هجين الكلمات
ازداد (ببرج الوردة
عام اجتاح جراد السهب مدائن هذا الغرب
وصادف عام الجوع فكان الآكل والمأكول
إذ صار الناس بطاقات، أرقاما، وصفوفا
وقت اجتاح الجذري الأوجه والأنفس
أعمى الناس الرمد الآتي، بصرا وبصيره
أيام غدت في الدور بنات الغرب سبايا
واحدة للغزل واحدة للرضع وثالثة للوطء..)
وتوفي (عام قد اجتاز البوغاز رجال الغرب
إلى مدن دكناء يبيعون الدم والعرق الفوار

ويهتف الراوي (مات الشاعر، عاش الشعر) في انتظار دور القادمين من مملكة الرمز
إلى مجاميع مؤرخي الآداب الوطنية وحفاري القبور.. وداعا.. محمد.. سلامي
… تحياتي.. الكنوني..
– العلم الثقافي / 10 مارس 1991

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading