ذ : إدريس حيدر
قررت الذهاب إلى طبيب مختص ،لعلي أجد لديه بلسما لدائي .
كانت مفاجأتي كبيرة ،عندما أكد لي أنني مصاب بثلاث أمراض نفسية متداخلة و هي : التردد ،القلق و الطموح للكمال.
و كنت قد لاحظت أنني أصبحت اتوخى و انشد تحقيق الكمال في كل أعمالي. و حسب علمي فهذه سمة شخصية تتسم بكفاح الفرد لبلوغ الكمال و وضعه معايير عالية جدا في الأداء.
و تدفع ” الكمالية ” الفرد إلى محاولة تحقيق المثالية التعجيزية ،فقد يصبح سعيدا عند تحقيق هدفه و كئيبا عند فشله .
و بذلك انضمت هذه الحالة النفسية إلى : التردد و القلق.
و هكذا حدد لي الطبيب الدواء و اقترح علي نموذجا و نمطا للعيش من حيث : التغذية، ممارسة الرياضة و توقيت النوم …الخ.
انضبطت طيلة مدة محدودة ، لتوجيهاته ، لكن سرعان ما عدت إلى وضعيتي الأولى أو ما يسمى ب “الانتكاسة ” la chute .
لم يعد جسدي ،دماغي و قلبي يستجيبون للضغط الرهيب الذي كنت أعيشه ،نتيجة حالتي النفسية المتدهورة .
هزلت و تقوضت إرادتي أمام الاختيارات الكبرى لحياتي.
استمرت حالتي في التدهور نتيجة تربص الاتافي الثلاث بنفسيتي الضعيفة و المهزوزة.
لم أعد أتذكر من من أصدقائي أو معارفي ، الذي “نصحني” بتناول الخمر لعله يخفف عني – بعض الشيء – العذاب النفسي الذي كنت أعيشه ،و اكد لي أنه حل سحري لمثل هذه الأوضاع النفسية الصعبة ،بحيث أنه يمكن الشخص من جرأة زائدة في اتخاذ بعض المواقف الصعبة ،و هو في نفس الآن يسهل التواصل مع الغير و يهدئ الانفعالات و يساهم في نسيان الأوضاع الصعبة التي يمر منها الإنسان.
تناولت في البداية بعض كؤوس الخمر التي وجدتها مُرَّةً و مقززة و لم تحقق لي ما كنت أنشده .
أعدت الكرة أكثر من مرة ، و كنت اتحول بعدها إلى شخص عدواني ، سليط اللسان ، وقح و ظالم…
أدمنت على شرب الخمر ،فارا من واقعي الصعب و مبحرا في الأوهام لعلها تخفف عني بعض شقائي.
و هكذا أضفت لمعاناتي، الإدمان على شرب الخمر.
يتبع…
