إشراقات ثقافية (21)

11 أبريل 2023

إشراقات ثقافية
من تقديم أمينة بنونة

المجتمع القصري في المنتصف الاول للقرن العشرين -احداث وعادات-
للمرحوم محمد بن عبد الرحمان بنخليفة الخليفي
دور النفار في المجتمع القصري

لم يكن للنفار دور مهم على صعيد هذا البلد فقد كان يقتصر على مناسبات محدودة وهي مناسبة شهر رمضان والأعياد، فهو الذي كان يقوم في اليوم الأول من هذا الشهر بالإعلان عن دخول الشهر وحلول موسم الصيام، كما كان يقوم طيلة الشهر وبالإعلان عن انتهاء التراويح ويعمل على أداء مهمته في التنفير كلما انتهى
الغياط من العزف في الصومعة المقابلة أثناء الاستراحة.
كان من عادة هذا البلد أن النفار لا يكون إلا في الجامع الذي تقام فيه صلاة الجمعة مع الخطبة، بينما يكون الغياط في المسجد الذي تؤدى فيه الصلوات الخمس فقط.
يتميز النفار بعزف خاص في مدينة القصر الكبير قد لا يوجد في مدن أخرى من المغرب فهو يؤدي في كل وقت نفخا خاصا تفهم منه المقاصد التي يراد تبليغها للسكان وكأنه رسالة موجهة إليهم، فقد كان له لكل وقت من أوقات السحور ونغم معين يعمل على تأديته إلى أن يعلن عن نهاية السحور أو مايسمى شرعا بالامساك العرفي، وكانت مؤسسة الأحباس تؤدي له واجبات مالية عن شهر رمضان لا غير إذ لم يكن من موظفيها إلا في هذا الشهر.
كان النفار صبيحة يوم ليلة القدر ويوم عيد الفطر يقوم بالتجول في دروب وأزقة الحومة التي يعمل فيها حاملا ومستعملا نفارته والأطفال خلفه يرقصون ويشغبون وهو بيده قفة ويصحبه طفل يحمل كيسا كبيرا لجمع زكاة الفطر يوم العيد من دقيق وحبوب، ويتفضل عليه البعض بمنحه بعض النقود من البسيطات الاسبانية مع بعض قطع الحلوى وشيء من الكعك وغيره وهو ينفر على آلته النحاسية تنقيرات جميلة.
ومما كان من معتقدات النساء أن الطفل إذا تأخر في النطق الفصيح أو الكلام فإن على أمه أن تقدم إلى النفار كأسا مملؤا بالماء لينفر فيه ليشرب منه الطفل اعتقادا منها أن ذلك سينفع طفلها في الاسراع والتعجيل في النطق واعتياده الكلام الفصيح، ولم يكن أحد يتردد أو يتلكأ في القيام بواجبه نحو هذا الرجل الظريف الخفيف الروح عادة، ومن أشهر النفاريين بالبلد السيد معيزو وذلك زمن الحماية والذي كان يفيض لطفا وعذوبة ويكثر من الأمثال.
كان النفار يصاحب في بعض الأحيان جوق الغياطة في حفلة العمارية وفي المناسبات الأخرى كحفلة هدايا عيد المولد النبوي، أو في حفلات الاستقبالات الرسمية أو في بقية الأيام فبعضهم كان يحترف تبيض واجهات المنازل بالجير أو صناعة المجامير من الطين والتبن وتبيضها وبيعها للناس وقد يحترف بعضهم غير هذا. (ص 218/219/220).

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading