ذ . عبد المالك العسري
……ادعوكم لمتابعة هذه السلسلة ،نص أدبي “للدكتور عثمان المنصوري “والدخول إلى أغواره وكشف معاني الجمال وموضع الإبداع فيه ، قصة تنشر لأول مرة عبر حلقات
” “البيتو ”
د :عثمان المنصوري – الحلقة 13
ملاحظة: كل تشابه بين شخصيات هذه القصة وأحداثها مع شخصيات وأحداث واقعية هو تشابه مقصود
أخبرنا عبد المجيد أن السلطات تخشى أن يقع ما لا تحمد عقباه، وتحدث فوضى بين المتفرجين، عند انتصار أحد الطرفين، وأنها استدعت تعزيزات أمنية من مدن مجاورة، وأنها خصصت أماكن للجمهور في الخارج، منفصلة عن أماكن الجمهور المنافس لتفادي أي اصطدام، خاصة أن النشاط منظم في إطار مناسبة وطنية هامة، ولا يجب أن تشوبه أية شوائب، ولذلك وضع الجميع في حالة تأهب قصوى، وسخروا كل الإمكانيات اللازمة لتمر المباريات في أحسن الظروف.
في صباح يوم السبت، بدأت وفود الناس تتقاطر على قصر البلدية في شارع محمد الخامس، إلا أن الدخول كان ممنوعا، في انتظار وصول الساعة العاشرة. وبعدها بدأ دخول المتفرجين، وكانوا في معظمهم من أعيان ومسؤولي المدينتين، الذين خصصت لهم مقاعد متقابلة، وكانت معهم دعوات رسمية، بينما خصص للاعبين مكان مرتفع يُمَكِّن الجميع من رؤيتهما. حين وصل الباشا استدعانا إلى مكتبه، وتحدث معنا في آخر المستجدات، وأوصانا بالسهر على تفادي أي مشكل يحدث بلبلة، وخاصة أثناء سير المباريات. وعبر لنا عن قلقه وتخوفاته، فهو لم يكن يعلم أن المسابقة ستتخذ هذه الأبعاد، ودعا الله أن تخرج الأمور بخير (الله يخرج الطرح بسلام). .
رحب الباشا بالحاضرين، وانطلقت المباراة الأولى وأصداء الجمهور في الخارج تتناهى إلى مسامعنا، فقد اصطف الناس رجالا ونساء، على جانبي الشارع، ووضعت أمامهم متاريس حديدية، كما لو أن الأمر يتعلق بزيارة رسمية للمدينة، أو مرور موكب هام، وكان الحشد عظيما، فقد حج الرجال والنساء والأطفال إلى المكان، وخاصة أن اليوم كان يوم عطلة، مما مكن التلاميذ من الحضور بحركيتهم وضجيجهم، وكان البعض يردد بعض الأهازيج، وبين الفينة والأخرى تطلق بعض النساء زغاريد، تضفي شحنة إضافية على هذا الموقف الفريد، تتقاطع مع أنغام الغيطة ودقات الطبل. لم يكن لمعظمهم أية علاقة بلعبة البارتشي، ولكنهم قدموا لتشجيع ممثلهم، والوقوف إلى جانبه بطريقتهم، واستراق لحظات من الفرح والمتعة.
