إشراقات ثقافية
من تقديم أمينة بنونة
المجتمع القصري في المنتصف الاول للقرن العشرين -احداث وعادات-
للمرحوم محمد بن عبد الرحمان بنخليفة الخليفي
مصلحة البريد والتلغراف في القصر الكبير
عرفت مدينة القصر الكبير مصلحة البريد من قديم إذ كانت تصل إليها الرسائل عن طريق المسافرين والرحالة والحمارة الذين كانوا ينقلون البضائع بين المدن، إلا أن الرسائل الرسمية ذات الطابع المخزني والإداري كانت تصل إليها بواسطة مجموعة الرقاصين المخزنيين الذين كانوا تابعين للهيئات المخزنية، غير أن مصلحة البريد كمؤسسة بمفهومها الحديث بدأ يظهر في القصر الكبير مع منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وخاصة بعد أن أصبحت تقيم بعض الجاليات الأجنبية من فرنسية وانجليزية واسبانية ممثلة لمصالح تجارية أجنبية، وعلى حسب بعض الروايات فإن أول مؤسسة للبريد بالقصر كانت توجد في دار صغيرة بدرب العلوج من حومة باب الواد، غير أن هذه المؤسسة انتقلت عند
دخول الحماية إلى حومة الشريعة بدرب بوخارق المعروف حاليا بدرب الطريبق .
يبدو أن هذه المؤسسة قد ازداد نشاطها مع مرور الأيام فاحتيج إلى توسيعها وزيادة عدد موظفيها، فبدأت إدارة الحماية تعمل على تكوين مجموعة
مغربية للقيام بمهات مختلفة داخل المؤسسة، إلا أن أطرها الرئيسية كانت مسيرة من قبل الاسبان في حين كان موظفوها من المغاربة يشغلون الوظائف الأقل
خطرا.
من سنة 1923 وعلى حسب بعد الافادات، فإن هذه المصلحة انتقلت إلى مقرها الرسمي والحالي بشارع مولاي علي بوغالب أو كالبو ستيلو، بعد أن تم بناء مقرها الجديد، ويبدو أن هذه المؤسسة كانت تعود ملكيتها إلى شركة اسبانية هي مؤسسة طوريس كبيدو والتي كانت تجمع بين مهات مختلفة للنقل البردي
المتنوع الأغراض كنقل الرسائل والرزم، إضافة إلى قيامها بمصلحة التلغراف ومد شبكات التليفون وتوسع نشاطها وازداد عدد موظفيها مع بداية الأربعينات، والتحق بها عدد مهم من المغاربة الحاملين للشهادات الابتدائية ومن في حكمهم.
كانت هذه المؤسسة قد أصبحت تعرف تنظيما دقيقا في تسييرها وشؤون ضبطها، وتضم مجموعة من الموظفين وخاصة من الاسبانيات اللائي اخترن
بعناية لهذه المهمة، وكذلك الأمر بالنسبة لموظفيها من الشباب وكان لسعاة البريد لباسا خاصا يتميزون به، وكان لهذه المؤسسة كوات خاصة ومخادع للتيلفونات
يستعملها من يريد من الزبناء، وبهذه المؤسسة صنادق بريدية للمشاركين. وفي الأربعينات وسعت نشاطها في مد شبكات التيلفونات، وصل جزء منها لبعض
الأحياء الشعبية القريبة من الأحياء العصرية، ولم يكن الاشتراك فيها بفواتر مالية عالية.
