
ذ . ادريس حيدر :
و في الزنقة المجاورة ، ظهر أشخاص يرتدون ملابس بالية و مُغَبَّرَة ، يَخْطُون ببطء و صعوبة.
و ما كان مفزعا و مخيفا حقا ، هو أن دماء غزيرة كانت تنزف من جباههم ، عيونهم ، أذانهم ، أفواههم و أصابع أيديهم .
لم استوعب ما كان يحدث أمامي ، و شعرتُ و كأنني أشاهد فلم رعب .
عدوتُ في الاتجاه المعاكس لأبتعد عن ذلك المكان الذي كانت تتواجد فيه كائنات غريبة .
و على بعد مسافة غير قليلة عن المنطقة التي اسكن فيها ، شعرت بأن رجلي أصبحت عاجزة عن المشي ، و لم أعرف السبب .
انتظرت بعض الشيء ليزول العائق و اتمكن من الفرار ، إلا أن ذلك لم يحصل .
كانت رجلي تجد صعوبة في التثبت على الأرض، فحاولت معرفة ما يوجد تحتها .
و كانت مفاجأتي كبيرة و صاعقة ، كنت بصدد سحق عيون كثير من البشر و كأنها تلك الكرات الصغير من الزجاج التي كنا نلعب بها في طفولتنا و نسميها ” بولات ” أو ” بي” les billes .
تعرفت على بعضها و هي عيون بعض أصدقائي و معارفي، و صحت فجأة و بقوة :
” يا إلهي ، أين أنا؟ و ماذا أرى؟”.
أجاب أحد المهرولين :
” إنه زلزال مدمر !!!” .
في هذا الخضم المهول ، سمعت صوتا مرعبا ينبعث من بطن الأرض و هي تنشق ، و صدى أصوات بعيدة لبركان في حالة فوران ، و بدأ يقذف حممه التي كانت تنساب كنهر من نار و تجرف كل ما يعترض طريقها .
همهمت ثانية :
” إنها نهايتي ، و لا أدري أين المفر ؟”
كنت اسمع أصواتا قريبة و لم اكن اميزها أو أعرف مضمونها .
فتحت عيني فجاة و وجدتني فوق سرير ابيض ، محاطا ببعض الأشخاص لا أعرفهم، يلبسون وزرات بيضاء ، و يحمل البعض منهم في ايديهم آليات طبية.
و كانت بعض أطراف جسدي مدعمة بأنابيب لأغراض مختلفة و راسي ملفوف و مشدود بضمادة بيضاء ، و فهمت أنني في المستشفى ، و أُخْبِرتُ من طرف الطبيب أنني سقطت في الحمام و أصبت بإغماءة .
كانت عبارة عن كابوس مرعب و كأنني في يوم قيامة .