يوميات معتقل سابق (11) محكمة الإستئناف.

20 يناير 2023

ذ : إدريس حيدر

انتظر الجميع المحطة الإستئنافية للطعن في الحكم الإبتدائي الذي اعْتُبِرَ من طرف المعتقلين السياسيين و دفاعهم، حكما قاسيا و ظالما و مجانبا للصواب.
و للأمانة لم يكن أحد منهم يرغب في الإستئناف ، لإيمانهم القوي بأن هذه الدرجة الجديدة من درجات التقاضي لن تُغير شيئا ، لأن الأحكام تُمْلَى على القضاء من طرف أجهزة الدولة المالكة للقرار ، غير أنه تم إقناعهم من طرف محاميهم ، على أنها محطة أخرى ستسمح لهم ثانية بمساءلة الدولة عن سياساتها المناهضة لطموح الشعب ، كما أنها فرصة لفضح سياساتها الاجتماعية .
و في انتظار المحاكمة الإستئنافية ، تسربت إشاعة ( و غير معروف من كان وراءها و كذا مراميها ) مفادها أن الهيئة الحاكمة معروفة بنزاهتها ، و أن السيد نائب الوكيل العام الذي سينتدب لتلك الجلسة ، صديق لبعض المعتقلين ، نظرا لكونه كان رجل تعليم قبل التحاقه بالقضاء ، و كان أحد نشطاء النقابة الوطنية للتعليم ، و بالتالي سيتعامل، لا محالة ، مع رفاقه القدامى بكثير من الإيجابية ، و قد تكتسي مرافعته شيئا من الموضوعية .
دلفنا ذات صباح إلى قاعة المحكمة بنفس الطريقة التي استعملناها ابتدائيا ، أي رفعنا الشعارات و رددنا الأناشيد و رفعنا شارات النصر التي تبادلها معنا الجمهور ، ثم علت زغاريد نساء عائلات المعتقلين و التي كانت ترفع منسوب الغضب لديهم و تجعلهم لا يخشون العقاب المبيت لهم .
كان القاضي الذي ترأس الجلسة ، رصينا و هادئا و صار ما في إدارته و تسييره للجلسة.
كان المعتقلون يراقبون رفيقهم السابق السيد نائب الوكيل العام و ينتظرون مرافعته.
استنطق القاضي كل المعتقلين و أعطى الكلمة للسيد الوكيل العام .
كانت مرافعته صادمة ، فلقد طالب المحكمة بإنزال أقسى العقوبات على المعتقلين ، لأنهم يحاولون خلق الفتنة داخل المجتمع – حسب زعمه – و لم يكن يطيل النظر في وجوههم بل كان لا يعيرهم أي اهتمام و بذلك تنكر لصداقتهم و عملهم معاملة لا تليق بهم من حيث الاحترام و التقدير .
بالمقابل لم يكن المعتقلون السياسيون ينتظرون منه أي شيء إيجابي ، فقد كانوا يعون ان الأحكام تُحَرَّرُ في غُرَفٍ خلفية و من محبرة أجهزة المخابرات و أصحاب القرار .
أما السيد نائب الوكيل العام فكانت تصدق عليه المقولة التالية : ” فاقد الشيء لا يعطيه “.
كانت قاعة المحكمة غاصة بالعائلات و الرفاق و الأصدقاء و عدد غير قليل من المنابر الإعلامية ، ممثلي السفارات ، الأحزاب…الخ .
هذه الأجواء الطيبة بالإضافة إلى الضغط الدولي الهادف إلى إطلاق سراحنا و نضال الرفاق في الأحزاب و الجمعيات و المنتديات المختلفة ، جعلت أصحاب الحل و العقد يعطون التعليمات للقضاء من أجل تأييد الحكم الإبتدائي فيما قضى به من إدانة في حقنا مع تخفيض العقوبات .

يتبع…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading