ذ . إدريس حيدر :
لعل المرء المتتبع للأوضاع السياسية في المغرب يتساءل :
– هل قدر هذه البلاد أن يقودها رجال هزلى فكرا و ممارسة ؟
– و هل يمكن القول أن ضعف أداء المسؤولين يعتبر من العوامل التي تعيق انطلاق البلاد نحو التقدم ؟
مناسبة هذا الاستهلال ،هي تصريحات وزير العدل و الأمين العام للحزب الثاني في البلاد – حسب الانتخابات الأخيرة ؟؟؟- ، و الذي و في نفس الآن ، يساهم في التحالف الحكومي.
لقد سبق و أن أشرنا في مقالات سابقة ، أن هذا المسؤول يحمل اعطابا شخصية ، و لا يصلح لتحمل أية مسؤولية سياسية ، دليل ذلك هو مواقفه و تصريحاته الفجة و الاستفزازية و استعراضه الفج لذاته .
و آخرها تصريحاته حول مباراة الولوج إلى سلك المحاماة ، و ما شابها من تجاوزات ، حسب مزاعم سياسية و جمعوية مختلفة ، التي كانت قد أحدثت ضجة كبرى ، و هزت الرأي العام و احتلت واجهة الصحافة و المنابر الإعلامية .
و اهم ما أُثِيرَ من مآخذ حولها كالتالي :
1- شكل المباراة و الذي اختلف كليا عن سابقاتها ، بحيث لم يُختبر المرشح حول رصيده المعرفي و القانوني و طريقة تحريره للمذكرات ، بل طُلِبَ منه و ضع علامات على بعض الأجوبة. و قيل إنها طريقة مأخوذة من الامتحانات الكندية ؟؟؟؟.
2- لائحة ” الناجحين ” خلقت الريبة و طرحت أكثر من سؤال ،حول أسماء بعضهم و مدى انتسابهم لعائلات ذات مواقع إجتماعية متقدمة ، و اكتشاف اضطرابات و ارتباك في الأرقام بعلاقاتها بالأسماء …الخ.
3- إعلان نجاح مسؤولين سامين في وزارة العدل ، في تلك المباراة ، مما يطرح إشكالا يتعلق ب ” التنافي ”
إن هؤلاء المرشحين / الموظفين يمثلون الجهة المنظمة للمباراة ، فأخلاقيا ، و من باب النزاهة الفكرية ،لا يجوز أن يترشح لها أحد منهم ، لأنه من الظلم و عدم العدل و عدم الإنصاف ، أن يترشح للمباراة و اضع الأسئلة ، و أن يُعْلَنَ نجاحه .
4- انتشار إشاعات تُفِيدُ تسرب أسئلة المباراة ، و كذا فتح الباب مشرعا الغش و النقل.
5- ادعاء الوزير أنه أعطى أمره لللجنة المنظمة للامتحان ، بإضافة 1200 مرشح إلى قائمة الناجحين ، و إن صح هذا الادعاء ، فالوزير نفسه يؤكد وقوع الكولسة و حصول الغموض في النتائج، فضلا عن كون الوزير لا حق له في اتخاذقرار من هذا القبيل بإرادة منفردة .
و على هامش ما وقع و ماراج ، كان الرأي العام ينتظر موقف الوزير الرسمي و إجابته عن انتظارات الجمهور الواسع ، و ذلك باعتباره المسؤول الأول على القطاع.
فإذا به يزيد الطين بلة و يستفز مشاعر المغاربة ، و يُخلِّفُ غضبا شعبيا بطريقة فيها كثير من الاصطناع و النرجسية .
لقد تفاخر ب” ثرائه ” ، الذي سمح له بتدريس ابنه خارج أرض الوطن و بالضبط في ” كندا ” .
هذا ” الهراء ” يفرض طرح الأسئلة التالية :
* هل كان ضروريا أن يقوم الوزير من خلال تصريحه الفج و المستفز بتحقير التعليم العمومي بالمغرب ،خاصة و أنه مسؤول في الحكومة المغربية .؟
* و هل ابنه الذي بعثه لمتابعة دراسته في ” كندا ” ،ضاقت به الدنيا بما برُحت ، و عاد للمغرب بحثا عن العمل ؟؟؟؟.
إن هذا التصريح هو انتحار تواصلي و بالتالي سياسي بعيد عن السجال البناء الذي قد يطال العمل السياسي بين الفينة و الأخرى .
لقد كان المغرب بأكمله ينتظر أن تكون تصريحات الوزير إيجابية ،تهدف تحقيق العدل و إصدار قوانين ذات نفس ديمقراطي تسمو بوعي الناس و بأداء الدولة و المؤسسات و تحمي المواطنين من الظلم .
إن التصريحات الأخيرة للوزير تجعله يراكم الأخطاء و يستفز الرأي العام و يضع العمل السياسي في مأزق.
أجل ، إنها اقواله مجرد سفاسف و هرطقات تؤكد ضعف و هوان هذا المسؤول فكريا و سياسيا .
فلقد كان من المفروض أن يدفع ، في قيام لجان التحقيق بعملها طبقا لما هو مضمن في الدستور ، أو إحالة القضية على القضاء ….الخ
لكنه اختار أن يكون تافها ، و يملأ الدنيا ب ” الهراء ” .
إن المنطق و السمو بالممارسة السياسية و تكريس نبلها يقتضي من المسؤول الأول عن وزارة العدل تقديم استقالته لفشله المريع في تحمل مسؤوليته.
بل إن الأمر يقتضي المساءلة عملا بالمقتضى الدستوري الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة ، و إلا أصبحنا أمام عبث سيشكل تهديدا على مستقبل البلاد .