ذ . إدريس حيدر
لعل الجميع لازال يتذكر ذاك التصريح المفعم بالفرح و الاعتزاز و التأثر للمواطن التونسي السيد : ” أحمد الحفناوي ” ، ( توفي اخيرا ) عقب هروب الرئيس التونسي المخلوع :” زين العابدين بن علي ” ،حيث قال :
” هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية “.
أجل، لقد حُقَّ للمغاربة و شعوب العالم الثالث ،أن تردد نفس القولة ، بسبب الانتصارات التي حققها الفريق الوطني المغربي في كأس العالم ، و وصوله إلى المربع الذهبي.
فقد تماهت شعوب العالم الثالث : إفريقيا – الشرق الاوسط – آسيا ،مع النتائج المحصل عليها بل و اندفعت إلى الشوارع احتفاء بتلك الانتصارات.
و فضلا عن هذه الإنجازات الغير المسبوقة ، فقد كان الجميع يتمنى و يأمل انتصار الفريق الوطني على نظيره الفرنسي للاعتبارات التالية :
1- أن فرصة لعب النهاية ربما لن تتكرر ، و إذا حصل فربما بعد عقود .
2- أن ” فرنسا ” هي البلد المستعمر و بالتالي فهناك حساسية خاصة .
3- و لأن الإعداد لهذه المبارة رافقته في” فرنسا ” موجة عنصرية قوية و غير مسبوقة من طرف قادة التنظيمات اليمينية ، و من الإعلام صاحب نفس التوجه …الخ .
فمنهم من طالب بطرد المغاربيين المقيمين في ” فرنسا ” لأنهم لا يدينون لها بالولاء ، و آخرون شبهوهم بالنازيين ،و فئة ثالثة نعتتهم بالحثالة و الرعاع .
3- و نادى البعض منهم بالتوجه إلى السلطات العليا في البلاد من أجل إعطاء تعليماتها إلى اللاعبين المغاربة ليكفوا عن رفع العلم ” الفلسطيني ”
4- و أما المرشح للرئاسة في الانتخابات الفرنسية السابقة ” إيريك زمور ” Eric Zemmour ” ,فقد نفث حقده و كراهيته في حق :
المغتربين من العرب ،المسلمين ،الأفارقة( بسبب لونهم ) …الخ . لا لشيء إلا لكون ” المغرب” حقق انتصارات مذهلة و أصبح قدوة لشعوب العالم الثالث في ميدان كرة القدم .
أجل، لقد خلفت هذه المواقف الهائلة حسرة في النفوس ،خاصة و أنها تصدر في بلد الديمقراطية و قبلة الانوار ، و التي تحمل شعارها الخالد الذي وُضِع بعد انتصار الثورة الفرنسية و هو :
حرية – مساواة – أخوة.
Liberté – Egalité – Fratérnité.
غير أن هؤلاء التافهين نسوا ،أن ” فرنسا ” استغلت لعقود ثروات البلدان المستعمرة من أجل تحقيق الرفاه لمواطنيها، و بعد ذلك رَحَّلَتْ آلاف المواطنين من أبناء تلك الأوطان للدفع بهم في جحيم الحرب العالمية الأولى و الثانية و بالتالي كانوا حطب تلك الحروب المدمرة ، ثم أخيرا شُغِّلوا عبيدا من أجل إعمار فرنسا و المساعدة على انطلاقها اقتصاديا ،و الآن يبنون مجدهم الكروي بالافارقة ، متغاضين الطرف عن مزاعمهم العنصرية ، و هذه لعمري انتهازية مقيتة .
و بعد ،
لقد كان في استطاعة الفريق الوطني ، الانتصار على الفريق الفرنسي لولا بعض الجزئيات الصغيرة ، و قد ابان عن مهاراته و قدرته على خلق المستحيل .
و لكن بالرغم من كل هذه الإكراهات بل و الحماقات ،يحلو لي أن أردد معكم هذه القولة الخالدة :
” هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية “.