*لا مستحيل مع الأسود*

14 ديسمبر 2022

ربيعة حميحم

زلزال كبير يضرب أرجاء قطر وأركان كرة القدم ، كل العيون متجهة صوب هذا البلد الصغير الكبير ، هذا البلد العملاق الذي أبهر العالم كله ، واستطاع تنظيم كأس بقدرات رهيبة وفي أحسن نسخة ، وأن يفرض شروطه على العالم ليقفوا له إجلالا وإكبارا …… وخرجت البطولة في ابهى حللها، و فازت قطر بإعلاء شعلة المبادئ وترسيخ القيم والأخلاق ، فالكرم من شيمنا والمجد حليفنا .
كل القلوب تخفق لحنا واحدا ، كل الأفئدة معلقة ، فجّر المغرب بركانا في قطر ، لتتطايرت ححمه النارية الملتهبة عبر العالم كله ، ليصبج جبلا منصهرا ، عن منحة كبيرة لافريقيا وللعرب والمسلمين جميعا ، لتصبح الكرة مغربية بامتياز …… الطريق معبدة أمامنا والنصر آت آت باذنه تعالى ، أثلجت صدرورنا بفرحة نناطح بها السحاب ونهزم بها الأحزاب ، ابيضت وجوهنا واسودت وجوه الاعداء ، لتكسر شوكتهم ، أدمَنّا النصر في موقعة ثمامة ، واسترجعنا أمجاد وادي المخازن في ملحمة الملوك الثلاثة …..
أبحرنا جميعنا بشراع الأحلام العاتية ، الحبلى بالآمال لنرسوا على مرفأ قطر الأحلام …..قطار النصر انطلق بلا هوادة ، انطلق سريعا داهسا كل من يعترض سبيله ، هدفه واضح وطرقه معبدة ، بربان عالي الهمة ، وبصدور منشرحة . لتتعطل لغة الكلام . أصبح العرين محصنا ، مقفلا موصدا في وجه الخصوم . تجانس رهيب بين اللاعبين وإيقاع محكم ، وطاقة رهيبة تهد الجبال ، تجاوزوا القمم بطولهم ، بسلاسل من ذهب ، تترقرق لتملأ الدنيا ، نجوم نيرة مشعة تضيء سماء قطر . لو قرأوا التاريخ جيدا ، لعلموا أن المغرب كان دوما مقبرة للغزاة ، ولهم في التاريخ دروسا وعبر ……
جاءوا ليحاربونا في عقر دارنا ، واضعين أيديهم على أفواههم في حركة دنيئة مقيتة ، يريدون رفع أعلام العار ، على أرض مسلمة عربية طاهرة ، يريدون ضرب الثوابت وهدم الأسرة وتغيير الفطرة ، يريدون تنشأة جيل لا يعرف معنى للأسرة ، ولا للقيم ولا للمبادئ ، لا يفرق بين الحلال و الحرام . لكنهم خرجوا ملفوفين في ثياب الحسرة والخيبة .
هرمنا وشخنا ، ونحن ننتظر ومعنا قلوب الملايين منتظرين ناظرين ،كلهم ينتظرون هدية المغرب لهم ، ليصبح الحلم حقيقة ، وواقعا معاشا وكابوسا لهم ودروسا وعبرة لغطرسة الغرب وتعاليمه ، دروس في الطموح والبر والتواضع والأخلاق الحميدة ، وحسن الظن بالله والتوكل عليه ….. أثر جميل سيخلفه الأبطال بلا شك .
انطلقت الجموع أضعافا مضاعفة ، بمشاعر ملتهبة مختلطة ، دموع النصر والفخر ….. واختلفت الفرحة اختلافا وأخذت منحى مغايرا ، وكأن الناس كانو حزانى حيارى منتظرين من يأخذ بأيديهم ، من يشعل لهيب فرحتهم المكبوتة داخلهم …… من يروي عطشهم ، من يدغدغ أحلامهم المضطربة الدفينة ، من يأخذ بيدهم نحو المجد والعلا ، تفجرت الفرحة وديانا وأنهارا وسيولا متدفقة نحو الشوارع ، وكأنهم على موعد مع بهجة لا تنتظر ، ولا تؤجل ، بل جبرت قلوب منكسرة منهكة من هموم الحياة وغلاء المعيشة !!!!!! أعراس جماعية وفرحة أحيت النفوس الميتة ، و شعلة أمل أضاءت الكون ، وكأن أبطالنا يحملون عصا سحرية ، يهشون بها على مشاكل الشعب ، لتحل في رمشة عين ، وتسديدة مرمى باهداف دخلت القلوب بدون استئذان ، ليتربع أسودنا في بؤبؤ العين لنبصر جميعنا داخل قطر وخارجها بعين واحدة ……
وكأن الجموع خرجت من حجرها الصحي للتو واللحظة ، وكأنهم كانوا محبوسين حابسين الفرحة داخلهم ومؤجلين خروجهم الى حين .
تدافعت الجموع الغفيرة بأعلام وقمصان حمراء بيضاء ، وبالونات وسيارات ودراجات ، رضع وشباب وشيوخ….. لم يلزم البيوت الا من به علة او مرض . بلغنا من النشوة عتيا !!!!!!
شكرا لكم لأنكم أهديتم فرحة لفلسطين الجريحة ولغزة العزة ، فرحة أحدثت رتقا في الأوزون ، ورممت العلاقات العربية ووحدتها . خرجت الجموع في فلسطين الحبيبة السليبة تبتهج بالنصر وتحمل أعلاما مغربية ، رغم الاحتلال الغاشم ، بعد ان حمله الابطال داخل الملعب ، ليثبتوا للعالم ان فلسطين قضيتنا ودمهم يجري في عروقنا ، واننا كالجسد الواحد وعلى قلب رجل واحد ، اذا مرض أحدنا تداعى الآخرون بالسهر والحمى….. بشائر الخير هلت وذابت كل الخلافات بين العرب عشق حتى النخاع ، نبض واحد وجسد واحد ، وقلب واحد ، ولسان عربي واحد …
إنهم الأبطال الرجال المرابطون البررة الساجدون ، واضعين ثقتهم في الله وحده . هم من استطاعوا توحيد الراية ، فالحرب سجال لإحياء امجاد العرب . مفاتيح للخير و مغاليق للشر ….. رفرفرف علمي خفاقا في العالم كله ، لونه لون الدم ، والنجمة ستبقى مكانها في السماء صعبة المنال .
بنهم شديد وبصوت جوهري يبلغ صداه المنتهى ، يصرخ الجميع ويطلب المزيد ، وماذلك على الله ببعيد
فخزائن الله ملآنة بكرمه لا تنفذ أبدا .
لن تصيح الديكة بعد اليوم ، ستخنقها الأسود وستكتم أنفاسها للأبد ، إنها رؤوس قد أينعت وحان قطافها واليوم موعدها .
” أو ليس النصر بقريب ” صدق الله العظيم

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading