ربيعة حميحم
زلزال كبير يضرب أرجاء قطر وأركان كرة القدم ، كل العيون متجهة صوب هذا البلد الصغير الكبير ، هذا البلد العملاق الذي أبهر العالم كله ، واستطاع تنظيم كأس بقدرات رهيبة وفي أحسن نسخة ، وأن يفرض شروطه على العالم ليقفوا له إجلالا وإكبارا …… وخرجت البطولة في ابهى حللها، و فازت قطر بإعلاء شعلة المبادئ وترسيخ القيم والأخلاق ، فالكرم من شيمنا والمجد حليفنا .
كل القلوب تخفق لحنا واحدا ، كل الأفئدة معلقة ، فجّر المغرب بركانا في قطر ، لتتطايرت ححمه النارية الملتهبة عبر العالم كله ، ليصبج جبلا منصهرا ، عن منحة كبيرة لافريقيا وللعرب والمسلمين جميعا ، لتصبح الكرة مغربية بامتياز …… الطريق معبدة أمامنا والنصر آت آت باذنه تعالى ، أثلجت صدرورنا بفرحة نناطح بها السحاب ونهزم بها الأحزاب ، ابيضت وجوهنا واسودت وجوه الاعداء ، لتكسر شوكتهم ، أدمَنّا النصر في موقعة ثمامة ، واسترجعنا أمجاد وادي المخازن في ملحمة الملوك الثلاثة …..
أبحرنا جميعنا بشراع الأحلام العاتية ، الحبلى بالآمال لنرسوا على مرفأ قطر الأحلام …..قطار النصر انطلق بلا هوادة ، انطلق سريعا داهسا كل من يعترض سبيله ، هدفه واضح وطرقه معبدة ، بربان عالي الهمة ، وبصدور منشرحة . لتتعطل لغة الكلام . أصبح العرين محصنا ، مقفلا موصدا في وجه الخصوم . تجانس رهيب بين اللاعبين وإيقاع محكم ، وطاقة رهيبة تهد الجبال ، تجاوزوا القمم بطولهم ، بسلاسل من ذهب ، تترقرق لتملأ الدنيا ، نجوم نيرة مشعة تضيء سماء قطر . لو قرأوا التاريخ جيدا ، لعلموا أن المغرب كان دوما مقبرة للغزاة ، ولهم في التاريخ دروسا وعبر ……
جاءوا ليحاربونا في عقر دارنا ، واضعين أيديهم على أفواههم في حركة دنيئة مقيتة ، يريدون رفع أعلام العار ، على أرض مسلمة عربية طاهرة ، يريدون ضرب الثوابت وهدم الأسرة وتغيير الفطرة ، يريدون تنشأة جيل لا يعرف معنى للأسرة ، ولا للقيم ولا للمبادئ ، لا يفرق بين الحلال و الحرام . لكنهم خرجوا ملفوفين في ثياب الحسرة والخيبة .
هرمنا وشخنا ، ونحن ننتظر ومعنا قلوب الملايين منتظرين ناظرين ،كلهم ينتظرون هدية المغرب لهم ، ليصبح الحلم حقيقة ، وواقعا معاشا وكابوسا لهم ودروسا وعبرة لغطرسة الغرب وتعاليمه ، دروس في الطموح والبر والتواضع والأخلاق الحميدة ، وحسن الظن بالله والتوكل عليه ….. أثر جميل سيخلفه الأبطال بلا شك .
انطلقت الجموع أضعافا مضاعفة ، بمشاعر ملتهبة مختلطة ، دموع النصر والفخر ….. واختلفت الفرحة اختلافا وأخذت منحى مغايرا ، وكأن الناس كانو حزانى حيارى منتظرين من يأخذ بأيديهم ، من يشعل لهيب فرحتهم المكبوتة داخلهم …… من يروي عطشهم ، من يدغدغ أحلامهم المضطربة الدفينة ، من يأخذ بيدهم نحو المجد والعلا ، تفجرت الفرحة وديانا وأنهارا وسيولا متدفقة نحو الشوارع ، وكأنهم على موعد مع بهجة لا تنتظر ، ولا تؤجل ، بل جبرت قلوب منكسرة منهكة من هموم الحياة وغلاء المعيشة !!!!!! أعراس جماعية وفرحة أحيت النفوس الميتة ، و شعلة أمل أضاءت الكون ، وكأن أبطالنا يحملون عصا سحرية ، يهشون بها على مشاكل الشعب ، لتحل في رمشة عين ، وتسديدة مرمى باهداف دخلت القلوب بدون استئذان ، ليتربع أسودنا في بؤبؤ العين لنبصر جميعنا داخل قطر وخارجها بعين واحدة ……
وكأن الجموع خرجت من حجرها الصحي للتو واللحظة ، وكأنهم كانوا محبوسين حابسين الفرحة داخلهم ومؤجلين خروجهم الى حين .
تدافعت الجموع الغفيرة بأعلام وقمصان حمراء بيضاء ، وبالونات وسيارات ودراجات ، رضع وشباب وشيوخ….. لم يلزم البيوت الا من به علة او مرض . بلغنا من النشوة عتيا !!!!!!
شكرا لكم لأنكم أهديتم فرحة لفلسطين الجريحة ولغزة العزة ، فرحة أحدثت رتقا في الأوزون ، ورممت العلاقات العربية ووحدتها . خرجت الجموع في فلسطين الحبيبة السليبة تبتهج بالنصر وتحمل أعلاما مغربية ، رغم الاحتلال الغاشم ، بعد ان حمله الابطال داخل الملعب ، ليثبتوا للعالم ان فلسطين قضيتنا ودمهم يجري في عروقنا ، واننا كالجسد الواحد وعلى قلب رجل واحد ، اذا مرض أحدنا تداعى الآخرون بالسهر والحمى….. بشائر الخير هلت وذابت كل الخلافات بين العرب عشق حتى النخاع ، نبض واحد وجسد واحد ، وقلب واحد ، ولسان عربي واحد …
إنهم الأبطال الرجال المرابطون البررة الساجدون ، واضعين ثقتهم في الله وحده . هم من استطاعوا توحيد الراية ، فالحرب سجال لإحياء امجاد العرب . مفاتيح للخير و مغاليق للشر ….. رفرفرف علمي خفاقا في العالم كله ، لونه لون الدم ، والنجمة ستبقى مكانها في السماء صعبة المنال .
بنهم شديد وبصوت جوهري يبلغ صداه المنتهى ، يصرخ الجميع ويطلب المزيد ، وماذلك على الله ببعيد
فخزائن الله ملآنة بكرمه لا تنفذ أبدا .
لن تصيح الديكة بعد اليوم ، ستخنقها الأسود وستكتم أنفاسها للأبد ، إنها رؤوس قد أينعت وحان قطافها واليوم موعدها .
” أو ليس النصر بقريب ” صدق الله العظيم