رفرف يا علمي

7 ديسمبر 2022

ذة. ربيعة حميحم

تضاعفت أطماعنا وزاد تلهفنا للفوز ، واشرأبت الأعناق عاليا ، لنرفع سقف أحلامنا جميعا ، فالنصر وشيك قريب ، وليس ببعيد بل إنه قاب قوسين أو أدنى ، فدفئ المكان وحضن الأشقاء وقلوب الملايين ، المتجهة صوب قطر مفتاح الشفرة …… إنها الأخوة الصادقة ، ونحن بين ظهرانيهم ، وفي محراب العروبة معتكفين معهم ، مستظلين بظل الله وعفوه .
مشاعر فياضة وقلوب جياشة تخفق بالحب !!!! لتتوحد الفرحة بإنجاز فريد ، غير مسبوق ، ليتكلم العرب لهجة مغربية جميلة ، ويتوحد الوطن العربي من المحيط الى الخليج . قلوب العرب تغزل نسيج المحبة ، والتقدير وتعزف على أوتار الحماس سيمفونية النشيد الوطني .
استطاع الأسود توحيد مشاعر العرب ، لترفرف الفرحة بجناحيها وتلف العالم العربي بأسره وتوحده ، ويرسموا بأقدامهم الذهبية ، فرحة عارمة على شفاه الملايين ، الذين أنهكهم الغلاء والبلاء والوباء …… لم تمنعهم الأسعار الحامية الوطيس ، بل هيجت قلوبهم وجوارحهم ليهبوا على قلب رجل واحد ، متدفقين الى الشوارع سيولا وأفواجا ، لتسمع ضربات قلوبهم على بعد أميال وتضطرب خلجاتهم …… أطلقوا العنان لمشاعرهم المرهفة ، ودوت الحناجر بالهتاف . دموع الملايين من العرب تنسكب محبة ، وكل الكفوف للباري متضرعة ، واستجاب القدر ، وهطلت أمطار الخير ، وفتحت مرمى الخصوم لتتلقى أهدافا قاتلة ، مميتة مفرحة جزيلة مبشرة بالنصر المبهج ، الساطع الأخاذ ، لنناطح السحاب ونعانق النجوم ونستهدي بوهجها ونورها .
كان لابد للأسود أن تلتهم وبنهم شديد من حولها ، في مباراة ملتهبة ، فالملك ملكا في عرينه مهابا وإن تكالبت عليه أعتى الجبابرة …..
بالأمس التهم الأسود الثيران الإسبانية ، بقوائم صلبة وبجسارة ليجلجل زئيرهم الملعب بأكمله ، وترفرف راية المغرب عالية خفاقة ….. فكانت الحلبة مشتعلة لتسقط الثيران، صريعة ذليلة على أرض الملعب ، براية حمراء ملتهبة ملتهمة الأسبان ، بعد أن عجز الثور الهائج عن فض شباك المرمى، الذي ظل بكرا نظيفا وسدا منيعا يصعب اختراقه . ليحزم الإسبان حقائبهم ويجروا خيبة أمل مضنية ……
سنلتقي يوم السبت مع البرتغال أو البرطقيز كما يحلو لي مناداتهم دوما .
عدت بذاكرتي أعواما طويلة ، فتذكرت مونديال مكسيكو 1986……. كنت في أيامي الأخيرة من حملي الثاني ، لا ألقي بالا لما يدور من حولي في المونديال ، لكنني وضعت حملي في اليوم الموعود وأبصر النور إبني إبراهيم ، وبعد ساعات قليلة من الولادة ، استأذن مني زوجي رحمة الله عليه بعد أن اطمأن علي وعلى وليدنا ، أن يذهب لمقهى مجاورا للمصحة ، لأن المغرب سيجتاز مقابلة تاريخية ضد البرتغال ، وكان للمغرب آنذاك أبطالا ترتعد الفرائص لمجرد ذكرهم ، رجال حقيقيون كتبوا التاريخ بماء الذهب ، أسماؤهم تثير الرعب فالزاكي حارس المرمى والتيمومي وبودربالة وخيري والضولمي ……. والقائمة تعج بأسماء كبيرة .
غفوت طويلا فقد كنت متعبة ، الى أن عاد زوجي حاملا بشرى الفوز ، فوز كبير مبجل وفوق العادة ، ونصر عظيم ظل عالقا بذاكرتي طوال ستة وثلاثون سنة !!!!!! فاز المغرب بثلاثة أهداف مقابل هدف يتيم للبرتغال ، نسيت آلام المخاض وألم الولادة ، لتغمر الفرحة أركان قلبي ، وكل البيوت المغربية ، وفي لحظات تاريخية ، رفع الزاكي الحارس الأسطوري وبودربالة العلم المغربي مباشرة بعد الفوز لتنطلق الاحتفالات ، وينفجر المغرب كله بالفرح …… تشكيلة قوية متكاملة لأسود حقيقيين بأقدام ذهبية ، يطرزون أهدافا قاتلة بمهارات فنية ، لترفع لهم القبعة ، وقتها أطلقت الصحافة الرياضية الأوربية على المغرب ، لقب برازيل إفريقيا . إذ كان صعبا جدا التأهل للدور الثاني في المونديال ، في مقابلة تاريخية ، صعبة للغاية !!!!!!
تدمع العين ويرفرف القلب ، لذكريات خالدة لاتنسى ، وكلنا أمل أن يعيد التاريخ نفسه ، ويسجل مونديال قطر فوز المغرب على البرتغال لنحيي أمجاد الأمس البعيد القريب . “إن ينصركم الله فلا غالب لكم” صدق الله العظيم .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading