ذ. إدريس حيدر
يقينا أن الرأي العام يتابع إضراب هيئة الدفاع عبر ربوع الوطن ، بكثير من الإهتمام و الفضول .
و بالمناسبة لا بد من إضاءات حول هذا الحدث الهام ، و هي كالتالي :
إن مهنة المحاماة – كما يحلو لي أن أقول و أردد- شريفة و نبيلة ، و مما لا شك فيه أن سجل البشرية حافل بالمواقف الشامخة رجالاتها.
و هنا أود التذكير فقط، بأن الحاكمين و منذ مدة ليست بالقصيرة و هم يتربصون بها من أجل إركاع رجالاتها ،لكن محاولاتهم ذهبت سدى ، لأن المحامين ظلوا دائما بمثابة منارات تشع و تُضيء بسناها الدروب المظلمة للشعب.
و إذن كل المخططات الدنيئة باءت بالفشل.
و لكن و مع ذلك فالدولة لم تمل و لم تكل من أجل إصابة المهنة في مقتل من خلال :
* فتح أبواب المهنة مشرعة و إغلاقها بالوافدين من أجل التخفيف من البطالة و امتصاص غضب العاطلين و أسرهم.
* محاولة ترويض رجالاتها من خلال محطات مختلفة و آخرها ،منع المحامين من الولوج المستنير للمحاكم و منعهم من الصلاة في محرابهم ( أي المحاكم) ما لم يقدموا جوازات التلقيح .
إلا أنه سقط في أيديهم( كما يقول العرب )
*تضريب المهنة بشكل أحادي بعيدا عن المقاربة التشاركية التي ينص عليه الدستور 2011 ،و محاولة وضع قانون للمهنة جديد في غياب حراس المعبد و سدنته ( أي المحامون ) ،و جعل المحامي جابيا للضرائب .
* خلق متاريس مالية للمواطن لمنعه من اللجوء
للقضاء من أجل إنصافه و تحقيق العدالة في المجتمع و بين الناس.
من جهة أخرى فقد استغلت جهات مشبوهة هذه الواقعة للترويج لأكذوبة مفادها :
أن المحامي يتهرب من دفع الضرائب، فاين هي يا ترى المواطنة و الوطنية ؟
لكن هيهات ،هيهات ،فهذه الهرطقات، الأكاذيب و الاضاليل و التفاهات لم تنطل على الجمهور العريض ،ذلك أن أغلب المحامين يؤدون ضرائبهم بل و يساهمون بشكل إيجابي في التضامن و ذلك بتشغيل أفراد يعولون أسرا متعددة الأفراد.
هذا طبعا مخطط الدولة ،و ما السيد الوزير” النرجيسي ” إلا وسيلة تستعمل للتنفيذ و تنزيل سياستها ، إلا أن صاحبنا اختلط عليه الحابل بالنابل و اعتقد للحظة : “أنه الدولة و الدولة هو “.
و الاكيد هو انها( أي الدولة ) بعد قضاء حاجتها منه ،سترميه في مزبلة التاريخ ،كما فعلت مع رجال آخرين سبقوه و كانوا من عيارات استثنائية .
أما هو فمجرد تافه و عابر سبيل .
فضلا عن ذلك فهذا القطاع المهم جدا و الرفيع ،كان يقوده فيما مضى رجال سُجِّلت أسماؤهم في حوليات هذه المهنة بمداد من فخر ، و لازال صدى مرافعاتهم و هم يصدحون بالحق ،يتردد في أركان و ردهات المحاكم المغربية ، و هم كُثْرٌ و منهم :
ذ. عبد الرحيم بن عبيد ، ذ. عبد الرحمان اليوسفي ،ذ. عمر بنجلون ،ذ . امحمد بوستة ، ذ. المعطي بن عبيد، ذ. عبد الرحمان بن عمرو ،ذ. عبد الرحيم الجامعي ،ذ. مصطفى الريسوني و القائمة طويلة .
و لكن الآن ،أُرْثِي مهنتي ،نظرا لكون الذين نصبوا أنفسهم للدفاع عنها أمام مؤسسات الدولة ،غالبا ما يكون اداءهم ضعيفا ،هزيلا و هشا ،بشكل لا يشرفها إطلاقا.
لكن نسي كل المتآمرون و المدبرون بليل ،أن هذه المهنة وَلُودٌ ، و أن شبابها و قيادمتها الأفاضل هم حماتها.
و إذن لمن يهمه الأمر أقول:
المحامي خط أحمر ، و إنه لن يركع كيفما كان حجم المؤامرات التي تُدبر ضده
عاشت المحاماة حرة و مستقلة .