ذ . إدريس حيدر
يُحكى في الميثلوجيا الإغريقية أن صيادا كان يسمى ” تيسيبيا” ،اشتهر بجماله الفائق ، و هو ابن الإلاه ” كيفيسيا” و الحورية ” ليريوي” .
كان شابا مغرورا و فخورا بنفسه ، و كانت الإلهة ” نمسيس” تعرفه فأخذته إلى بحيرة ،حيث رأى انعكاس صورته فيها فوقع في حبها دون أن يدرك أنها مجرد صورة ،أُعْجب ،إذن بصورته لدرجة عجز فيها عن تركها و لم يعد يرغب في العيش و استمر يحذق فيها إلى أن مات.
اشتهرت هذه القصة و اتخذها ” سيجموند فرويد ” أشهر علماء النفس في العصور الحديثة موضوعا لإحدى نظرياته النفسية ،أو ما كان يُعرف بالتحليل النفسي ، و استوحى من هذه الأسطورة ما اصطلح عليه بالعقدة النرجيسية .
و هذه الحكاية تمثل بدلالاتها نمطا من أنماط البشر الذي عاش و مازال ،معجبا بنفسه و معتزا بذاته بشكل مرضي ،قد يُؤدي في النهاية إلى انسلاخ الشخص عن المجتمع الذي يعيش فيه و تكون نهايته : الموت او الفناء ( بكل المعاني ) .
مناسبة هذا الاستهلال هو النهج والسلوك الذين يتميز بهما وزير العدل السيد : وهبي ،طيلة مدة ممارسته القصيرة لمسؤولياته الوزارية .
فقد طبعت خرجاته :
* النرجسية
* الرعونة
* الارتجال
* استعراض الذات بشكل فج
* تصريحات متضاربة و متناقضة .
فممارساته نزقية بشكل عام و تصريحاته متضاربة .
و يقينا أن الطابع الأبرز لسلوكاته هو النرجسية المرضية.
إن الإجراءات الأخيرة التي يزعم اتخاذها في حق جسم الدفاع الذي ينتمي إليه ، تتميز بالإقصاء ،التنطع و الابتعاد عن تنزيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالمقاربة التشاركية .
و لعل المرء يتذكر بهذه المناسبة رجالات من عيار ثقيل تحملوا مسؤولية وزارة العدل أمثال: عبد الهادي بوطالب،المعطي بوعبيد ،المشيشي ،بوزوبع ،الودغيري ،الناصري…الخ
تميزت ممارسات هؤلاء بكثير من العقلانية ،بعد النظر و واجب التحفظ .
ومن المؤكد أن السبب في ظهور أمثال هذا الوزير هو الحياة السياسية التي أضحت مائعة ،تافهة ،منحطة و ضحلة ، يميزها : الريع ،الفساد و المحسوبية .
فعندما كانت الممارسة السياسية يحكمها : التنافس المشروع القائم على البرامج و المصحوب بنقاشات ثرية و باختلافات رحيمة و النزاهة و الشفافية و نبل العمل السياسي ،لم تكن تفرز الأقزام و صغار القوم .
و في نفس الآن لو كانت الحياة السياسية سليمة لكان مصير هذا الوزير التافه هو الإقالة أو الاستقالة .
أجل، إنه لا يعدو أن يكون وسيلة لتنفيذ سياسة الدولة بالرغم من ادعائه القُدْرَة على إخراج القوانين و اتخاذ إجراءات مختلفة بالرغم من معارضة المحامين.
و بعد،
يُخطئ الوزير ” وهمي” إذا اعتقد ان المحامي سيصبح يوما ما جابيا للضرائب و أن شأن و مصير هذا الأخير سيكون بيده بل إن مزايداته الرخيصة المتعلقة بإخراج القوانين لا ُيُلْتَفَتُ إليها.
لقد آن الأوان لكي يغادر موقعه الذي لا يستحقه. لان بقاءه هو درب من الجنون الذي مَرَدُّهُ نرجسيته المرضية و المقيتة.