
ـ لبيب المسعدي :
أيها المواطنون، أيها الخصوم، أيها المتباهون
بتبعيتكم الفكرية لزعماء حمقى وآخرون ماكرون. أيها المعارضون الأغبياء عبر شاشة هواتف ذكية. أيها المتباهون بالخير والصلاح من داخل أو خارج المستنقع. لقد سئمت قراءة خطاباتكم المفعمة بالوطنية الزائفة وأنتم تجهلون اسم جاركم في الطابق الثالت، وحالة مسن معزول ودموع أرملة ورضيعها اليتيم.
ها قد قررت حلا جذريا لمشاكلكم الافتراضية. لن نبني مستشفى جديدا، ولا مدرسة، ولا سوقا نموذجيا، ولا مركبا ثقافيا، ولا مراحيض عمومية ولا مسبحا بلديا، ولا منطقة صناعية، ولا مناطق خضراء ولا حتى كورنيش، ولا نصلح شارعا منهارا ولا حيا عتيقا آيلا للسقوط . كلا! سنبني مسرحا عظيما خارج المدينة، حيث نجمع حطب خلافاتكم لنشعل به خشبة الإبداع.
فالمسرح سيكون حتما أعجوبة إجتماعية معمارية
اطلقوا العنان لمخيلتكم وتعالوا نحلم:
مقاعد مقسمة حسب الانتماء: اليمين المتطرف يجلس على كراس زرقاء تغني “بلادي بلادي”، واليسار المتشدد على مقاعد حمراء يتمتمون بشعارات الثورة. وفي المنتصف، المقاعد البنفسجية للذين لا يعرفون ما يريدون إلا أن تنتهي هذه الضوضاء ويظهر الغلاب.
سيكون لكل حزب دقيقة ونصف للصراخ من قلبه قبل بدء العرض، ثم نطرد المشاغبين خارج القاعة لندخل في صلب الموضوع: الغناء الجماعي.
أما عن البرنامج الفني
سنبدأ بورشة “تعالَ نعانق بعضنا قبل أن نموت”. يليها كورال “لحني واحد لمدينة مشتتة” تحت قيادة الفنان Boudchart الذي سيحول شعاراتكم الجوفاء إلى إيقاعات موسيقية.
ثم مسرحية هزلية بعنوان “مشاجرة على منصة افتراضية” حيث يكتشف المتحاربون عبر الشاشات أنهم أبناء نفس المدينة يقتسمون ميراث انتماء فقير.
ولن ننسى فقرة “الصارخون المجهولون”
سيمنح كل مواطن دقيقة على المنصة ليعترف بأغبى شيء كتبه على الفيسبوك ثم يغسل يديه في إناء من ماء الورد تعبيرا عن التطهير الرمزي.
سنرفع جميعا الأعلام البيضاء، ليس للاستسلام، بل لنلونها معا بلون أمل واحد، قبل أن نعود إلى بيوتنا ونفتح هواتفنا لنعود لحرب التعليقات من جديد.
ففي النهاية، أيها السادة، المدينة بحاجة إلى مسرح لتفريغ سخافاتكم أكثر من حاجتها إلى حلول حقيقية. فليكن الفن منفى للحمقى، وليكن غناؤنا الجماعي اعترافا بأننا جوقة من الصم يظن كل منها أنها تقود الأوركسترا!
ملاحظة : سيتم توفير خدمة النقل المجاني من المنازل إلى المسرح، على أن يعود الجميع سيرا على الأقدام كي تتذكروا أن المدينة تفتقر لأدنى شروط التمدن، وتحتاج إلى الإصلاح قبل أن تصلح للخلاف.