بقلم : ذ . محمد الشدادي
شهد الموسم الجامعي الحالي انتقالا مهما في مسار طلبة شعبة القانون، حيث تم استقبالهم في بناية كلية القصر الكبير المتعددة التخصصات، بعدما كانوا يدرسون سابقا في ملحقة طريق الرباط التابعة لكلية العرائش. ورغم أن هذا التغيير لم يمس انتماءهم الإداري، إذ ما زالوا تابعين للكلية المتعددة التخصصات بالعرائش، إلا أنه شكل تحولا جغرافيا يستدعي التفكير في ظروف تنقلهم اليومية نحو المؤسسة الجديدة.
في السابق، كان طلبة المستويات العليا يتنقلون إلى مدينة العرائش، وقد استفادوا من حافلات النقل الحضري التي كانت مخصصة لهم بأثمنة مناسبة، مما ساعدهم على متابعة دراستهم في ظروف مقبولة. أما اليوم، فرغم أن الكلية الجديدة قريبة من بعض الأحياء، فإنها بعيدة عن أخرى، كما أن الطلبة القادمين من الجماعات القروية المجاورة يواجهون صعوبات حقيقية في الوصول إليها، إما بسبب غياب وسائل نقل مباشرة، أو بسبب ارتفاع تكلفة سيارات الأجرة الكبيرة و الصغيرة التي تفوق قدرتهم المالية.
هذا الوضع يفرض التفكير في حلول عملية تضمن وصولا مريحا وآمنا لجميع الطلبة، سواء داخل المدينة أو في محيطها القروي.
و من بين المقترحات التي يمكن أن تحدث فرقا ملموسا، فتح خطوط لحافلات النقل العمومي تمر عبر الأحياء البعيدة والمناطق القروية، مع مراعاة توقيت الدخول والخروج من الكلية. ومن أهم الخطوط التي يستحسن اعتمادها:
– خط جماعة السواكن-الكلية مرورا بالقرب من بعض دواوير جماعة أولاد أوشيح ، وبأحياء أولاد احميد ودار الدخان.
– خط جماعة تطفت – الكلية مرورا ببعض دواوير جماعة سوق الطلبة وجماعة اقصر ابجير، و بشارع طريق تطفت.
– خط جماعة اخميس أبي جديان – الكلية، مرورا ببعض دواوير جماعة سوق الطلبة.
– خط يربط السريمة، البلاندة، عين العبيد بالكلية.
– خط ينطلق من إعدادية الإمام مسلم _ الكلية مرورا بشارع 20 غشت .
– خط جماعة العوامرة – الكلية مرورا بجماعة الزوادة
وفي هذا السياق، نوجه نداء إلى السيد عامل إقليم العرائش من أجل دعوة الجماعات الترابية للتنسيق فيما بينها والعمل المشترك على إحداث منظومة نقل جامعي إقليمي تربط بين الجماعات وكلية القصر الكبير كما هو الشأن بالنسبة لمجموعة نقابات الخير لفتح المسالك ، ومجموعة البيئة. فإحداث مجموعة بين الجماعات للنقل الإقليمي الجامعي ، بما يراعي واقع الطلبة ويخفف من معاناتهم اليومية في التنقل بات ضرورة ملحة وآنية. فإحداث خطوط نقل مخصصة للطلبة يعد خطوة استراتيجية لدعم التعليم العالي وضمان تكافؤ الفرص بين أبناء المدينة والعالم القروي.
ومن الضروري أن يراعى في هذا المشروع مبدأ العدالة في الاستفادة، بحيث ينتقل الطلبة من العالم القروي والحضري بسرعة واحدة وفعالية واحدة، دون تفاوت في الخدمات أو تأخير في الوصول. فالتعليم الجامعي حق للجميع، ولا ينبغي أن يصبح عبئا إضافيا على فئة دون أخرى.
إن توفير نقل موحد في الجودة والانتظام يجسد روح الإنصاف، ويترجم عمليا التوجيه الملكي السامي الذي شدد فيه جلالة الملك محمد السادس، في خطاب عيد العرش بتاريخ 30 يوليوز 2025، على أن:
“لا مكان اليوم ولا غدا لمغرب يسير بسرعتين.”
وتجدر الإشارة إلى أن كلية القصر الكبير المتعددة التخصصات، بعد افتتاحها الرسمي، ستضم مجموعة من الشعب الجديدة غير المتوفرة بكلية العرائش، من بينها العلوم الشرعية، البيئة والإيكولوجيا، اللغات، التاريخ، الجغرافيا، الفلسفة، علم الاجتماع، وعلم النفس. وقد تم بالفعل فتح مباراة لتوظيف أستاذين في تخصصي العلوم الشرعية والبيئة والإيكولوجيا، وهو ما يؤكد أن الكلية في طريقها نحو التوسع واستقبال أعداد متزايدة من الطلبة في السنوات المقبلة، بإذن الله مما يستوجب التفكير في هذا النقل بين الجماعات بشكل سريع.
إن التعليم لا يقتصر على القاعات الدراسية، بل يبدأ من الطريق إليها، وتيسير هذا الطريق هو مسؤولية جماعية تتطلب إرادة حقيقية وتنسيقا فعالا بين مختلف الفاعلين الترابيين.
وإذ نعرض هذا المقال، فإننا نكتبه مساهمة في النقاش العمومي حول إشكالية النقل الجامعي لطلبة مدينة القصر الكبير والجماعات القروية المحيطة بها، إيمانا منا بأن طرح هذه القضايا هو خطوة أولى نحو إيجاد حلول واقعية تراعي كرامة الطالب وتعزز حقه في تعليم ميسر وعادل.