الحشاشين بالقشاشين (الجزء الثاني وربما الأخير) قصة قصيرة:

31 أغسطس 2025

بقلم : زكرياء الساحلي
اِلتقيته صدفة، إنه أحد أعضاء فرقة الحشاشين بالقشاشين، عبد المطلب النحيلي، كان واحدا من القدامى المرابطين بمسجد الفتح، نصغي للبيان الأسبوعي الذي كان عبارة عن درس وعظي بين صلاتي المغرب والعشاء كل يوم خميس، ثم نصعد إلى الطابق العلوي من المسجد لتناول ما لذ وطاب من الطعام الذي أكرمنا به المسلمون.
صراحة، كنت وباقي طاقمنا الشبابي نهتم بالطعام أكثر من اهتمامنا بالبيان، لهذا نجد، بعد صلاة العشاء، نصف شباب حينا في الصفوف الأولى للسُفرة.
ذات عشاء، أوحى لي عبد المطلب بتأسيس جماعتنا الخاصة تحت شعار (زعم تاكل اللحم) ومن هناك بدأ يراودنا الحلم وبدأنا نخطط لتحويله إلى حقيقة.
كان أكثرنا حماسة، لهذا فوضنا له ربط علاقات دبلوماسية مع بني الجن، فطائفة الحشاشين بالقشاشين لابد لها من امتداد في العالم الآخر، فحتى إذا فشلت دعوتنا مع بني الإنس، قد نجد من إخواننا عونا ومددا كما حدث في واقعة الطائف مع رسولنا الكريم.
ومن أجل فهم عالم الجن أكثر جعلنا من “خربة القيادة” مقرا جديدا لهذه العملية، فالمكان كان أسطوريا ومثاليا لربط هذه العلاقة(يقال أنه مسكن للجن وكل من يدخل هناك إلا وله نصيب منهم) بحثت عن جنية عاشقة تحبني وتحقق لي أحلامي، أما عبد المطلب فقد كان فارسا مغوارا في مواجهة الأشرار من بني الجن، الذين يفضلون الإقامة في أجساد الناس عوض أرض الله الواسعة.
الكتاب الأول الذي درسناه كان كتاب “حوار صحفي مع الجني المسلم مصطفى كنچور” ادعى صاحبه (محمد عيسى داوود) أنه أجرى حوارا صحفيا مع جني مسلم “فرَش” له خبايا العالم الأخر (طبائعهم في الحياة، كيف يأكلون ويشربون ويتزاوجون، صراعاتهم الداخلية، علاقتهم ببني الإنس، إيمانهم وكفرهم، عالم الشياطين والسحرة…)
وبعد دراستنا لعوالم الجن الثلاثة (العالم العلوي والأرضي والسفلي) والتعرف على ملوك كل عالم وكيفية التعامل معهم، بدأنا نتسلح بالأيات القرآنية اللازمة وطرق الصرع والمواجهة، وكان كتاب “الصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار” لصاحبه الشيخ وحيد عبد السلام بالي خير كتاب يشرح أنواع السحر والمس، ويضع الطرق المناسبة للعلاج والوقاية – طبعا من القرآن والسنة فقط.
سقطت أول فتاة قربنا، بدأت تتلفظ بكلمات غريبة، وأمام جوقة من المتجمهرين قلت لعبد المطلب.
– يا حُجة الله، والذي بعث محمدا بالحق، ما سقطت هذه الفتاة اليافعة قربنا إلا لأمر أراده الله منا.
تقدم عبد المطلب بخطوات تابثة، ووضع كفه على جبينها، ثم بدأ يتلو بعض الآيات من الذكر الحكيم حتى استرجعت الفتاة وعيها.
كانت تجربة أولى ناجحة، أحس من خلالها عبد المطلب بالنصر والتمكين من رب العالمين.
وطد العلاقة مع الفتاة وبات يرقيها في منزل عائلتها، وكاد أن يلقب ب”الراقي عبد المطلب” لولا أن الجني الذي يقطن داخلها هدده بالانتقام، بأن ما يقدم عليه ليس لعب الصبيان.
فتراجع عبد المطلب خائفا وقال لي
أيها الإمام، أشدانا للقرع نمشطو ليه راسو؟ خلينا غير مع بني الإنس كيعرفونا ونعرفوهم.
ظللنا مرابطين في ” خربة القيادة ” إلى أن تحولت إلى دار الثقافة الخمار الكنوني وتحول عبد المطلب من مشروع راقي شرعي إلى مسرحي كبير ينظم مهرجانا دوليا للمسرح. لكنهم حاربوه وحاولوا سرقة مجهوداته، فسمح في الحزاق الملقي كله وهاجر إلى بلاد الكفار للعيش في مكان يقدر فيه الفن وأهله.
كلما تذكرت تلك الليالي، أقول في قرارة نفسي: لو كان عبد المطلب قد واصل طريقه في الرقية الشرعية لصار من كبار الرقاة العالمين، ولضرب الصرف كثيرا باسم محاربة الجن المساكين.
لكنه بدل العتبة وهاجر بعيدا عن كحل الراس، والتقى باولاد خيسوس الذين معهم البركة والخير كله، فكان ذلك أحسن له.
….
ملاحظة 1: عارفها الحشاشون ماشي الحشاشين.
الملاحظة 2: سر اختيار اسم الحشاشين تيمنا بجماعة الحشاشين لحسن الصباح
الملاحظة 3: عبد المطلب لم يتعاطى الحشيش قط.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading