الملكية البرلمانية بين الطموح السياسي ومتطلبات النضج الحزبي والمدني”

21 أغسطس 2025

بقلم : ذ. عبد المجيد بوزيان

تعد الملكية البرلمانية من أبرز النظم السياسية الحديثة، ونجاح هذا النموذج من الحكم لايرتبط بالنصوص الدستورية فقط، بل يتطلب وجود أحزاب سياسية ناضجة، ومجتمع مدني فاعل، قادرين معا على ترسيخ أسس الديمقراطية.
الملكية البرلمانية هي نظام حكم يكون فيه الملك على رأس الدولة، لكن صلاحياته مقيدة بموجب الدستور، وتكون السلطة التنفيذية الفعلية في يد رئيس الحكومة المنتخب من قبل البرلمان، أي أن الملك يسود ولا يحكم.
ولكي يكون هذا النظام ناجحًا، لا بد من وجود أحزاب سياسية قوية تمتلك كفاءات قادرة على تدبير الشأن العام، كما لا بد من مجتمع مدني حيوي يمثل مصالح المواطنين، وقادر على المشاركة في صياغة السياسات العمومية وعلى مراقبة أداء الحكومة.
وبناءً على هذه المعطيات، وبالنظر إلى مطالبة بعض الأحزاب السياسية ذات التوجه اليساري في بلادنا باعتماد نظام الملكية البرلمانية، يُطرح سؤال جوهري: هل هذه الأحزاب أو غيرها كانت يمينية أو محافظة مؤهلة فعلاً لتولي مسؤولية تدبير الشأن العام بكل صلاحياته؟ وهل يتوفر في بلادنا مجتمع مدني ناضج قادر على ممارسة دوره الرقابي والمساهمة في ترسيخ الديمقراطية؟
جوابًا عن هذين السؤالين، يمكن القول إن أحزابنا، في وضعها الراهن، غير مؤهلة لتسيير البلاد وفق نظام ملكية برلمانية، لأنها تفتقر إلى الأطر والكفاءات الكفيلة بابتكار حلول ناجعة لأزماتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. فهي تكتفي غالبًا بإبداء الملاحظات على الإصلاحات القطاعية التي تقوم بها الدولة، دون أن تمتلك بدائل مدروسة تقوم على أسس علمية يشارك في صياغتها خبراء وطنيون ودوليون.
إن تحقيق الملكية البرلمانية لا يتوقف على مجرد تعديل دستوري أو رفع شعارات سياسية، بل يستلزم أولًا بناء أحزاب قوية ذات برامج واقعية، وتأهيل المجتمع المدني ليكون شريكًا حقيقيًا في صنع القرار وممارسة الرقابة. وحتى يتحقق ذلك، يبقى الانتقال إلى هذا النظام رهينًا بإصلاح عميق يهم الثقافة السياسية وبنية المؤسسات.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading