الأزمة البيئية في القصر الكبير: بين المسؤولية وتصفية الحسابات….

13 أغسطس 2025
Oplus_131072

بقلم: محمد كماشين

تشهد مدينة القصر الكبير أزمة بيئية خانقة، تفجرت شرارتها إثر دخول عمال شركة النظافة المفوضة في إضراب احتجاجي، على خلفية تأخر صرف أجورهم لمدة شهرين.

لم يكن هذا الإضراب مجرد تحرك نقابي عابر، بل أزاح الستار عن واقع أكثر تعقيدا، حيث تتشابك المسؤوليات القانونية بالمصالح السياسية، لتبقى الحقيقة ضائعة وسط تجاذبات أطراف متعددة.

في صلب الأزمة، تبرز مسؤولية الجماعة الترابية في تدبير ومراقبة المرفق العمومي وضمان استمراريته، مقابل مسؤولية الشركة المفوض لها تدبير قطاع النظافة، والتي تلتزم بموجب العقد بتنفيذ الخدمة وصرف أجور العاملين في وقتها.

إلا أن المعطيات المتوفرة تشير إلى أن سبب الأزمة الرئيسي يكمن في فشل الشركة في أداء مستحقات العمال، وهو تقصير تتحمل الشركة مسؤوليته بشكل مباشر، في حين تبقى مسؤولية الجماعة محددة في أداء مستحقات الشركة ومراقبة جودة الخدمة.

ما يزيد الوضع تفاقما هو محاولة بعض الفاعلين السياسيين في المجلس الجماعي استغلال هذه الأزمة لأغراض انتخابية ضيقة، حيث تم الزج بالعمال في لعبة شد الحبل بين أطراف متصارعة، وتحويلهم إلى أدوات للضغط السياسي، بدل التركيز على معالجة جوهر الإشكال.

في هذا السياق، صدرت مواقف متضامنة مع العمال، لكنها تخفي وراءها نوايا غير معلنة، ما يشي بوجود طرف ثالث يضيف بعدا سياسيا يزيد من تعقيد الحل.

بحسب التشريعات المغربية، فإن المسؤولية عن تدبير قطاع النظافة لا تقتصر على جهة واحدة، بل تتوزع على عدة أطراف :

  • الجماعات الترابية: تتكلف بإحداث وتدبير مرفق النظافة ومراقبة عمل الشركات المفوضة

  • شركات التدبير المفوض: تتحمل مسؤولية تنفيذ الخدمة وأداء أجور العمال وفق التزاماتها التعاقدية

  • السلطات المحلية والدولة: تضع الإطار القانوني وتضمن المراقبة والتدخل عند الضرورة.

  • المواطنون: تقع عليهم مسؤولية أخلاقية في احترام البيئة والمساهمة في نظافتها.

في ظل هذه الأزمة، نتساءل عن دور الجمعيات المحلية ذات الصلة فيبرز دور التنسيقية الجمعوية المحلية لتتبع الشأن العام بمدينة القصر الكبير، التي دقت ناقوس الخطر من خلال بيان لها ، وصفت فيه الوضع البيئي بـ”الخطير”، بعدما تحولت شوارع المدينة إلى ما يشبه مكبا مفتوحا للنفايات، وسط انتشار الروائح الكريهة والحشرات الناقلة للأمراض. واتهمت التنسيقية المجلس الجماعي والسلطات المحلية بـ”الإهمال واللامبالاة”، لعدم تفاعلهم مع المراسلات والنداءات المتكررة، مفضلين – حسب تعبير البيان – الاستجمام والعطلة على حساب صحة المواطنين.

وتزامنت هذه الأزمة مع ذروة موسم الصيف وعودة الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ما ضاعف من الضغط على المرافق والخدمات.

وقد حذرت التنسيقية من احتمال اندلاع موجة احتجاجات جديدة إذا استمرت الجهات المسؤولة في تجاهل الأزمة، محملة المسؤولية الكاملة للمجلس الجماعي والسلطات المحلية والإقليمية، ومطالبة بتدخل عاجل من جميع المستويات لإنقاذ المدينة من كارثة بيئية قد تتحول إلى أزمة صحية شاملة.

ولنا أن نتساءل : كيف يمكن فك الارتباط بين الأزمة البيئية والصراعات السياسية، لضمان حقوق العمال، وتقديم خدمة نظافة تليق بالمواطنين، بدل تحويلهم إلى وقود لمعارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل …..

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading