
د . عبد السلام دخان
تآكلت اليوم متعة الاكتشاف تحت وطأة التكاليف المتصاعدة، وتراجعت العلاقة الحسية والعاطفية مع المكان في خضم الزحف النمطي وتكرار الواجهات. صارت تجربة السفر محاطة بأثقال مادية ومعنوية، تعوزها العفوية، ويغيب عنها الأفق المفتوح الذي كان يمنح للسفر معنى التجدد والتجاوز.
في راهن تتصاعد فيه أسعار الوجبات ووسائل النقل، ويستفحل فيه جشع أرباب الخدمات، وتتناثر فيه شبكات السماسرة والوسطاء، يصبح المكان موضوعا للاستهلاك السريع، منفصلا عن ذاكرته الرمزية والعاطفية. تختفي الفروق الدقيقة، وتختزل التجربة في أداء خال من الإقامة الشعورية.
ومع غياب الحضور الفعال للجهات الوصية في ضبط المجال، والدفاع عن شروط الإنصاف الاقتصادي، والحفاظ على توازن معقول في العرض والخدمة، يغدو السفر مشروعا مثقلا بالقيود، بعيدا عن نداءه الأصلي المرتبط بالدهشة والاختلاف.
تآكلت اليوم متعة الاكتشاف تحت ضغط التكاليف، وخفت الأفق العاطفي للأمكنة تحت وطأة الغلاء وتعميم النمط. وفي زمن أصبح السفر تجربة متآكلة الحس، مثقلة بالصور السطحية، تفتقر إلى الدهشة الفطرية والانفتاح الإنساني، يطرح السؤال: هل ما زال السفر تجربة تستحق أن تعاش؟