من أجل كلية فلاحية بمدينة القصر الكبير: تعليم عال يخدم التنمية

30 يوليو 2025
Oplus_131072

بقلم. أنس الفيلالي

من أجل كلية فلاحية بمدينة القصر الكبير: تعليم عال يخدم التنمية

من أجل كلية فلاحية بمدينة القصر الكبير: تعليم عال يخدم التنمية


بقلم. أنس الفيلالي
من أجل كلية فلاحية بمدينة القصر الكبير: تعليم عال يخدم التنمية

بقلم. أنس الفيلالي

ما حفزني على كتابة هذا المقال يرتبط أساسا بالخطاب القوي والمعبر الذي رسم فيه صاحب الجلالة حفظه الله، بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش المجيد يوم الثلاثاء 29 يوليوز 2025، ملامح مغرب جديد، مغرب بلا فوارق ولا مناطق منسية في رؤية تنموية شاملة، تستهدف جميع المدن والقرى، وكل الفئات، دون تمييز أو إقصاء, حيث أكد أن ذلك لن يتحقق إلا بتثمين الخصوصيات المحلية وجعلها قاطرة للتنمية في كل مدينة من مدن المغرب.
وفي هذا السياق، كثر الحديث مؤخرا عن افتتاح كلية جديدة بمدينة القصر الكبير، وهو خبر استبشر به أبناء المنطقة لما له من رمزية تاريخية وتنموية في آن واحد. غير أن هذا الأمل خفت سريعا، بعد أن طرحت تساؤلات حول نوعية هذه الكلية، وتخصصاتها، ومدى ارتباطها بالواقع الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة.
للأسف، لا تزال بعض التصورات تكرر نموذج الكليات التقليدية ذات التخصصات المشبعة، غير المرتبطة بسوق الشغل، وهي كليات متوفرة أصلا في مدن قريبة، كمرتيل التي تبعد 130 كلم فقط عن القصر الكبير، ومع ذلك فقد فقدت جاذبيتها لدى الطلبة، ما ينذر بتكرار الأخطاء التي راكمها التعليم العالي لعقود، وأسهمت في تفاقم بطالة حاملي الشهادات.
بعيدا عن الاصطفافات السياسية والحسابات الحزبية، التي لاحظنا حضورها في بعض المواقف والمقالات، سواء من طرف من يرغب في التدريس بالكلية في مدينته بأي وسيلة – علما أن عدة مقالات كتبها أساتذة يدرسون التخصصات نفسها في مدن أخرى، والغريب أن بعضهم يرسل أبناءه وأقاربه لدراسة تخصصات كالطب والهندسة والمعلوميات والمواد التكنولوجية في مدن ودول بعيدة ضمانا لمستقبلهم المهني، فيما يطالبون أبناء الشعب بتخصصات غير مطلوبة في سوق الشغل – أو من يرفض المشروع الحالي بدافع سياسي صرف، وغالبية المقالات التي اطلعت عليها تعود لمنتمين إلى حزب سياسي كان يقود الحكومة سابقا.
وعموما، فإن مستقبل التعليم العالي في مدينة القصر الكبير لا ينبغي أن يرتهن لهذه الاعتبارات الشخصية أو السياسية الضيقة، بل يجب أن يبنى على تشخيص دقيق لحاجيات الإقليم، واستحضار الأولويات التنموية التي تتطلب تفكيرا عقلانيا ومسؤولا.
وأي نقاش حول مستقبل التعليم العالي في القصر الكبير يجب أن يستند إلى تشخيص واقعي ومفصل لحاجيات الإقليم وتطلعات ساكنته. ومن هذا المنطلق، فإن إنشاء كلية فلاحية متعددة التخصصات يعد خيارا استراتيجيا، وليس مجرد مطلب محلي، وبخاصة أن القصر الكبير تعد عاصمة أكبر الاحواض الفلاحية بالمغرب، وتستحق تعليما أكاديميا منصبا على تثمين الإمكانات الزراعية الهائلة للمنطقة.
بصراحة، لم أستوعب بعد مطالب البعض بإحداث تخصصات لا يطلبها سوق الشغل، خصوصا تلك التي لا تحتاج إلى تقريبها بسبب قلة عدد طلبتها، ولا تبرر إنشاء مؤسسة جامعية بكاملها، مثل تخصصات التاريخ، والأدب العربي، والتربية الإسلامية، وأصول الفقه، التي يمكن تجميع طلبتها على مستوى الجهة بكلية واحدة، هي كلية الآداب بمرتيل، والتي أصبحت بدورها تعرف عزوفا من الطلبة بعد أن تم سحب آخر مجال مهني كان يشجعهم عليها وهو التعليم، الذي بات يدرس بعد الباكالوريا في المدارس العليا للأساتذة. كما أن من يطالب بمدرسة للاساتذة بدافع ما، يعلم باستحالة تحقيق هذا المطلب لعدم جديته، حيث ان الدولة لا يمكن لها انشاء مدارس ومراكز تربوية في كل مدينة او في كل حي من احياء كل مدينة، بعد تواجدها في مدن قريبة ك: العراىش، طنجة وتطوان.
أما كلية العلوم القانونية والسياسية، فقد تكون أقل ضررا من غيرها من حيث فرص الشغل، نظرا للإقبال الكبير على هذا التخصص مقارنة بكلية الآداب وبخاصة أن كلية العلوم القانونية ستكون الكلية المتخصصة الوحيدة في القانون والعلوم السياسية بالاقليم ، إلا أن كلية الفلاحة تبقى الخيار الأجدر والأكثر جاذبية، سواء بالنسبة للطلبة أنفسهم أو للمدينة والإقليم والبلاد ككل.
ومن أبرز المبررات لإنشاء كلية فلاحية بالقصر الكبير:
1 القطب الفلاحي بزوادة: تعرف المنطقة بإنشاء مشروع ضخم يسمى “القطب الفلاحي بزوادة”، الذي عرف انطلاق الشطر الاول من اشغاله، وله ثلاثة اشطر ، كل شطر يتضمن حوالي 50 هكتارا مخصصة للبنيات الصناعية المرتبطة بالفلاحة ،والذي سيحتاج إلى مهندسين، وخريجي معاهد ومدارس عليا، بالإضافة إلى يد عاملة مؤهلة وكفاءات مهنية وتقنية.
2.. منطقة الأنشطة الاقتصادية: يجري أيضا إنشاء منطقة للأنشطة الاقتصادية، جزء منها مرتبط بالمجال الفلاحي، ما يعزز الحاجة إلى تخصصات فلاحية وتكوينية عالية الجودة.
3.الخصاص في الأطر الفلاحية والبيطرية: تعاني المنطقة خصاصا كبيرا في الأطر الفلاحية والبيطرية، خصوصا بعد تقاعد عدد من أطر ومهندسي المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي. والأسوأ أن الإقليم لا يتوفر – حسب علمي – سوى على طبيب بيطري جراحي واحد بمدينة العرائش, خاصة بعدما كنت قد احتجت لعملية جراحية لاحدى الحيوانات ، فبعد البحث مطولا لم اجد سوى طبيب جراحي واحد وقد استغربت من الامر في اقليم يعرف ثروة حيوانية تعد بالالاف .
4. ضرورة توجيه التعليم العالي نحو حاجيات سوق الشغل: المدينة لم تعد بحاجة إلى المزيد من التخصصات التي ينتج عنها عاطلون جدد، بل تحتاج إلى تخصصات ذات أفق مهني واضح، وبمستقبل مهني واضح ومضمون لكل ابنائها.
5.. الإشعاع الاقتصادي والاجتماعي والسياحي: من شأن كلية فلاحية متخصصة أن تجذب الطلبة من مختلف مناطق المغرب، ما سينعش الاقتصاد المحلي، خاصة في مجالات الكراء، والمطاعم، والخدمات، تماما كما هو الحال بمدينة مرتيل خلال الموسم الجامعي.
6- تدعيم منظومة التعليم العالي الفلاحي بالمغرب التي تعرف ثلاث مؤسسات فقط هي :
معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط ومركبه للبستنة بأكادير
المدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس
المدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين بسلا
إن مدينة القصر الكبير تستحق كلية متخصصة ومتقدمة، تكون رافعة تنموية حقيقية، لا مجرد مؤسسة لتخريج العاطلين. ونأمل أن تلقى هذه المطالب آذانا صاغية لدى المسؤولين والوزارة الوصية.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading