
ذ.أحمد العبودي
بسخاء غير متنزن يُغدق الإعلام الرياضي وجمهورُه العريض، يغدق على لاعبي الكرة المستديرة ألقابا ونعوتا تُضفي عليهم هالة من العظمة الموهومة والإجلال الزائف…تجعلهم في نظر المولعين بهم يتجاوزون كثيرا طبيعتهم البشرية ويتعدون حدود إنجازاتهم الواقعية؛ فهم في ذلك يحظون بتقدير رهيب لا وجه للمقارنة بينه وبين المكانة المبتذلة التي يخص بها المجتمع أكبر الزعماء الوطنيين والمفكرين والعلماء والأدباء…ومن أبرز هذه الألقاب: الأسطورة، القيصر، صانع الأمجاد، المنقذ، العبقري الفذ…كما تُستخدم في حق اللاعبين نعوت مثل البطل الخارق، رمز الأمة، صوت الشعب، أيقونة الرياضة ، سفير الوطن، الزعيم ، محبوب الجماهير، النجم ، الأسد…ويأتي ذلك كله في سياق يصور المقابلة الكروية تصويرا ملحميا خارقا يستعير له الإعلام الكروي ـ خاصة أثناء التعليق الرياضي الحي ـ معجما لغويا من مجالات أخرى تكتسي دلالات رمزية عليا لا علاقة لها في الأصل بالرياضة أو حتى الفن، وهكذا يُمطَر (أو يرشق)الجمهور بملفوظات كالنصرالمظفر، الفوز الساحق، الفخر، المجد، التاريخ يكتب، الانتقام الرياضي، الثأر الكروي، الفرحة الكبرى ، راية الوطن، سمعة البلد ، العار الرياضي، العقاب او الثأر، الكتيبة، المعركة، الانتصارالساحق، التتويج المستحق وغيرها.
كل هذه العبارات ومثيلاتها ، تُسهم في تعبئة الجمهور نفسيًا، وتغذي فيه مشاعر الحماسة والتوتر أو حتى الاندفاع العنيف أحيانًا، لأن هذا الإعلام يخاطب العاطفة أكثر من العقل، ويستثير مشاعر الانتماء والهوية ويستميل عواطف جمهوره المشدوه دون حاجة إلي ذلك، في سياق لا يعتبره العقلاء من مؤشرات التنمية ولا من شروط النهضة الوطنية والانعتاق من التخلف المستحكم.( ولي عودة لهذا الموضوع بتفصيل)