
– ذ. ادريس حيدر :
و في محاولة منه للإفلات من العقاب الذي كان ينتظره كل ليلة من طرف أبيه و زوجته ، لجأ إلى الحِيَلِ و الكذب و الافتراء و أحيانا النفاق ، مدعيا دائماً عدم علمه بمجريات الأحداث .
كما سوق نفسه لدى أسرته ، أصحابه و مجايليه ، بأنه فتى هادئ ، مسكين و ضحية لجبروت أبيه و زوجته .
و في نفس السياق تعاطف معه الجميع باعتباره ضحية ، كما كان كل الأشخاص يشملونه بالعطف خاصة عندما كان يوضع له الطعام في مناسبات مختلفة ، حيث كان يلتهمه و يأكله بشراهة.
و كان الحضور ، يعتبر هذه المسلكيات تجلي لاعتداء أبيه عليه و تجويعه المستمر و الدائم .
هذا السلوك الغير العادي أصبح مع مرور الزمان ، يشكل جزء من شخصيته الغامضة .
و هكذا اقتنع كل من صاحبه و صادقه و جايله ، أنه كائن وديع و لا حول له و لا قوة ، و أنه نموذج في الأخلاق و السلوك و الوداعة .
ظل جميع من عرفه مقتنعا بتلك الصورة الجميلة التي أرادها ” مهاجر” ، أن تنطبع في أذهانهم .
مع مرور السنوات ازداد منسوب هذه المسلكيات السلبية في أدائه اليومي .
و في هذه المرحلة الحرجة من عمره ، بحث عن دفئ الأسرة و الأمومة ، فوجده في أم أحد أصدقائه ، التي عطفت عليه ، إلى درجة أنها كانت تحرم نفسها أحيانا من تناول طعامها ، ليتناوله ، رغم أنها كانت أمّا لأسرة متعددة الأفراد ، و مداخيلها محدودة .
اعتبرته تلك الأم ، أحد أبنائها الذي لم تلدهُ ، خاصة و أنه كان يخدمها و يساعدها في بعض الأشغال المضنية .
يُتبع…