الجَحُودُ (02)

1 يونيو 2025

– ذ. ادريس حيدر :

و في محاولة منه للإفلات من العقاب الذي كان ينتظره كل ليلة من طرف أبيه و زوجته ، لجأ إلى الحِيَلِ و الكذب و الافتراء و أحيانا النفاق ، مدعيا دائماً عدم علمه بمجريات الأحداث .
كما سوق نفسه لدى أسرته ، أصحابه و مجايليه ، بأنه فتى هادئ ، مسكين و ضحية لجبروت أبيه و زوجته .
و في نفس السياق تعاطف معه الجميع باعتباره ضحية ، كما كان كل الأشخاص يشملونه بالعطف خاصة عندما كان يوضع له الطعام في مناسبات مختلفة ، حيث كان يلتهمه و يأكله بشراهة.
و كان الحضور ، يعتبر هذه المسلكيات تجلي لاعتداء أبيه عليه و تجويعه المستمر و الدائم .
هذا السلوك الغير العادي أصبح مع مرور الزمان ، يشكل جزء من شخصيته الغامضة .
و هكذا اقتنع كل من صاحبه و صادقه و جايله ، أنه كائن وديع و لا حول له و لا قوة ، و أنه نموذج في الأخلاق و السلوك و الوداعة .
ظل جميع من عرفه مقتنعا بتلك الصورة الجميلة التي أرادها ” مهاجر” ، أن تنطبع في أذهانهم .
مع مرور السنوات ازداد منسوب هذه المسلكيات السلبية في أدائه اليومي .
و في هذه المرحلة الحرجة من عمره ، بحث عن دفئ الأسرة و الأمومة ، فوجده في أم أحد أصدقائه ، التي عطفت عليه ، إلى درجة أنها كانت تحرم نفسها أحيانا من تناول طعامها ، ليتناوله ، رغم أنها كانت أمّا لأسرة متعددة الأفراد ، و مداخيلها محدودة .
اعتبرته تلك الأم ، أحد أبنائها الذي لم تلدهُ ، خاصة و أنه كان يخدمها و يساعدها في بعض الأشغال المضنية .

يُتبع…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading