
ذ . عبد المجيد بوزيان :
بعد أن حلَّ فوج جديد من المجانين بمدينتي العريقة والرائعة القصر الكبير، والتي فقدت هويتها منذ سنوات وطُمست معالمها التاريخية منذ عقود، قلت لنفسي : لِمَ لا أعيد نشر مقال سبق وأن نشرته قبل سنتين على صفحتي الفيسبوكية، لربما يطلع عليه القائمون على تدبير الشأن المحلي ويشتغلون على محتواه.
سوق كبير ومارستان رحب وفضاء للكلاب
مدينتي القصر الكبير من المدن العريقة جدا، كانت آنئذ جميلة ورائعة جدا، كما كانت معروفة بمدينة الشعر والشعراء والعلم والعلماء، يؤمها الأدباء والنشطاء السياسيين والثقافيين من كل حذب وصوب، منهم نزار قباني وطه حسين وشكيب أرسلان وغيرهم من المشاهير، وقد مدحها أحد الشعراء العراقيين في قصيدة مطلعها:
-قل للذي يبغي المفاخر والعلا *
تخل عن البلدان واستوطن القصر.
وفجأة وبدون سابق إنذار أو إخبار تحولت مدينتي من قصر جميل إلى سوق كبير يأتيها الباعة والمشترون من جميع أنحاء المعمور، واليوم وبعد الإهتمام الكبير من مسؤولينا غير المخلصين، تحولت كذلك الى مارستان، وأصبح يتعايش فيها العقلاء المسالمون والمجانين المتشردون وكذلك الكلاب الضالة، فلا يخلو شارع أو زنقة من الباعة المتجولين، ومن هذيان المجانين، ومن نباح الكلاب الجائعين. فطوبى لأهل مدينتي الطيبين على حسن استقبالهم لضيوفهم الدائمين، إنها قمة الإنسانية من سكانها الأصليين، أدام الله عليهم قيمة الرأفة بمجانين طنجة وتطوان المهَجَّرين، وبالكلاب الضالة التي نجدها قريبة مِنَّا في كل وقت وحين.