
الفلسفة السياسية النسوية سؤال السيادة والكونية في فكر سيلا بنحبيب
من تأليف :د عزيز الهلالي
اعدتها : أمينة بنونة :
ما يميز الحركة النسوية المعاصرة، هو انفتاحها على كل المآسي التي تعانيها الفئات المقهورة اجتماعيا. وعلى هذا الأساس، تحاول بناء نسق فلسفي من أجل التعدد الثقافي خارج الحدود السيادية. فالإشكالات الحقيقية التي تطرحها هذه الحركة تخص كيفية اندماج النوع والجماعات الإثنية واللاجئين والمهاجرين وطالبي اللجوء السياسي والأجانب… في بنية كونية تقوم على احترام الاختلاف الثقافي. وهذا الاندماج يستدعي الحسم مع الإرث التقليدي لمخلفات ويستفاليا(* ) التي تبيح استخدام العنف المادي والرمزي،تحت مبرر:الحماية الأمنية للحدود السيادية الدولة.
تنتصب النظرية النسوية ضد قرارات سياسية تتعلق بغلق الحدود في وجه فئات مهاجرة تحمل معها هويات الاختلاف، إنها سيادة نابذة للاختلاف تعكس نفاقا سياديا، إذ كيف تبادر الدول إلى توقيع معاهدات واتفاقات ملزمة تتعلق بمعايير حقوق الإنسان، وفي الآن نفسه يتم خرق مقتضيات هذه الحقوف الدولية؟
شكل نموذج ويستفاليا السيادي عائقا أمام اندماج مواطنة الاختلاف في بنية الحدود الثقافية والترابية. فسياسة الحدود تضع مواطنين داخل الديموس وأجانب خارجه. وهنا، يتم تعميق العلاقة التقليدية التي تعكس مركزية إثنية، بين الأنا الخالص والآخر المركب، وهو فعل يقوض إمكانات التعايش والتضامن الكوني.
يعتبر نموذج الدولة- الأمة شكل من أشكال ويستفاليا،حيث يستبعد كل مشروع اندماجي للآخر في بنية ليبرالية رأسمالية. يقصي هذا النموذج من نسقه السياسي كل عضوية تتطلع إلى تجسيد قيم العدالة الدولية. تتلخص مفهوم العضوية في الأدبيات السياسية للدولة الحديثة في فكرة “المواطنة الوطنية”. ومن ثمة، فإن مجمل الأزمات التي تعيشها الهويات / الاختلاف تعود بالأساس إلى طبيعة التوتر الحاصل بين سيادة ويستفاليا والمواثيق الدولية.
تدافع النظرية النسوية على مبدأ يخص فتحا لحدود، في وجه مهاجرين يتحركون تحت سند حقوقي يبيح لهم الحق في حرية التنقل. ولتحقيق هذا الفعل يلزم بناء حجة كونية وتصور راديكالي حول المواطنة.فالعدالة الكونية هي عدالة بدون حدود تشد وشائج الترابط الإنسان يعبر مخيال سياسي مشترك يتجاوز الحدود الوهمية.
إن معاناة النوع، من جراء سياسة الحدود، جزء لا يتجزأ من معاناة الهويات المقهورة. فهناك نسب كبيرة من النساء المسلمات يتعرضن للإساءة من جراء تأويلات متطرفة للنص الديني (نظام طالبان،نيجيريا، مالي،ساحل العاج،السودان…) تتعلق بالإرث والختان والزواج والجنس والطلاق…وأمام هذه الأشكال من الخروقات…تحاول المرأة اللجوء إلى أماكن خارج الحدود الترابية طلبا للأمن الجسدي والمعنوي. لكن الحدود التي رسمتها الدول الغربية في مخيالها الثقافي والقانوني يجبر النساء المسلمات عبر العالم تحمل صور الظلم الممارس في حقهن.