قراءة في رواية “الشوك والقرنفل” للشه-يد الفلسطيني يحيى ابراهيم السن-وار

1 مارس 2025
Oplus_0

الدكتورة : لطيفة الجباري :

من خلال العنوان ” الشوك والقرنفل” نستجلي ما سيتناوله النص الادبي سابق الذكر فالشوك يدل على المعاناة و المكابدة على ظروف الحياة الفلسطينية ما بين الواقع المعاش المتمثل في الاحتلال والسجن والاسر و التضييق والتفقير وما بين الامل الذي يشبه القرنفل باعتبار زهرة القرنفل طاقة نارية تبعث على الحياة وتعيد الحيوية لشعر الراس والاحساس بصفة عامة كما في العرف الشعبي، وهي من بين الزهور التي اشتهرت غزة بزراعتها…
اما الكاتب فهو يحيى ابراهيم السنوار الذي ولد سنة 1962 بمخيم خان يونس.
حاز على شهادة الباكالوريا في اللغة العربية وادابهامن الجامعة الاسلامية في غزة، وكان من اوائل من رفعوا لواء المقاومة الاسلامية في فلسطين.
سجن مطلع عام 1988 وحكم عليه بالسجن المؤبد ولا يزال في سجون الاحتلال الاسرائيلي اثر اتهامه بالتخطيط لاختطاف وقتل جنديين اسرائيلين و قتل اربعة فلسطينيين كانوا عملاء الاحتلال، وقد اطلق سراح السنوار عام 2011 وكان واحدا من الف اسير حرروا مقابل الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط ضمن ما سمي بصفقة ” وفاء الاحرار “.
وقد حدد جنس الكتاب في دفته الاولى في كونه رواية وتظهر عليه صورة الكاتب السنوار وهو يجلس مزهوا موقنا بنصر الله و طامعا في شهادته على كرسي محاط بالاشواك وحوله زهرات القرنفل…وقد كتبت هذه الروايات في غيابات السجن وهربت اجزاؤها في ظروف قاسية لتخرج الى الوجود.
ورغم تحديد نوع الكتاب في كونه رواية الا انها تميل الى السيرة الذاتية يتحدث فيها الكاتب او الراوي بضمير المتكلم ” احمد” الا ان الكاتب فضل تقديمها في شكل رواية مما يعفيه من ذكر الاسماء الحقيقية حفاظا على اسرار مجتمعه خاصة رجال المقاومة حتى لا يصبح العمل دليلا على الادانة من طرف الاحتلال، خاصةانه يركز في اجزاء مهمة على بزوغ التيار الاسلامي في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي في الضفة و قطاع غزة…
وتتحدث الرواية عن حياة عائلة فلسطينية تعيش في مخيم الشاطىء بمدينة غزة بعد ان هاجرت من بلدة الفلوجة في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 ومن خلالها يتناول الكاتب الاحداث و الوقائع التي عرفتها القضية الفلسطينية بعد نكسة 1967 وكفاح الفلسطينيين منذ الاحتلال سنة1948 بكل اطياف الشعب السياسية اليسارية والشعبية كمعركة الكرامة سنة 1968 و الثورة الناشبة عن احراق المسجد الاقصى ( 1970- 1973 ) وانتفاضة الاقصى سنة 1987 الى اتفاق اوسلو والاحباط الذي اصاب غزة و الضفة اثره… تعيش اسرة احمد في وضعية مزرية تحتحكم الاحتلال في مخيم الشاطىء بغزة بين سيول الشتاء وضيق المكان في كنف ام تحتوي الكل هي ام لستة ابناء: محمود،فاطمة،مريم، حسن،محمد و احمد( الراوي) اختفى الاب( الزوج ) في حرب التحرير في بيت تتقاسمه مع زوجة العم الذي علم انه استشهد وترك زوجته وولديه حسن وابراهيم.تعيش الاسرتان في بيت واحد في ظل جد مسن بمساعدات ومد يد العون من الاقارب الاان اهل زوجة الاب ارغمها اهلها على الزواج لانها ما زالت صبية ولا يقدرون على اعالتها لتتكفل ام احمد وجده بهما.عاشت هذه الاسرة كباقي الاسر الفلسطينية متارجحة بين الفقر و الخوف و المعاناة لكن مع اصرار رجالها و شبابها على المقاومة رغم الضغوطات و حظر التجوالز التضييق والسجن و الاسر و تسخير العمالة و الخيانة لكن هناك افراح لحظية استمرار الحياة بتعليم الابناء منذ الصغر ودراسة الطلاب في الجامعات المصرية او الاردنية او داخل الجامعة الاسلامية بغزة واقامة حفلات الزواج وتوسيع البيت وسعة العيش بعمل الابناء و الفرح الاسري وتضامن الاسرة واختلاف ابناء الاسرة و جدالهم حول وسائل المقاومة وتوجهها بين منظمة التحرير و الجبهة الشعبية (محمود،حسن،محمد) بين شخصيات الرواية لتشتد المقاومة مع بزوغ التيار الاسلامي واستهداف قياداته من طرف اسرائيل هذا التيار الذي يمثله ( ابراهيم ) ابن عم الكاتب هذا البطل الذي يقتنع بتوجهه احمد( الراوي )الذي طالما تردد مع جده قبل وفاته على المسجد وهو صغير وشهد ميلاد التيار الاسلامي واستمر ابراهيم وغيره في الكفاح المسلح لتكتب له الشهادة في اخر الرواية…
وقد كتبت رواية” الشوك والقرنفل” بلغة عالية ومستوى فني رفيع واعتمد صاحبها على السرد والوصف و الرمز لتكتسب قيمة مزدوجة قيمة تاريخية واخرى فنية وتعبر عن روح الفلسطيني المسكونة بالالم والامل بالانكسار و الشموخ في ارض الاحرار التي تعيش بين الشوك والقرنفل وتتطلع الى غد افضل…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading