- بقلم : الزكري عبد الرؤوف
لم يكن المغرب يوما عالة على الشرق أدبيا وفكريا، وإن كان المتداول من المكتوب بين المغاربة، كما المقررات الدراسية، تحمل خاتم بيروت وبغداد ودمشق والقاهرة. وأصبح المستهلك من الشعر والرواية والقصة والمسرح والسينما مستوردا من هناك، واحتلت أعلام وأسماء رواد الإصلاح الفكري والسياسي ذات منبع مشرقي إلا فيما ندر. فقامت أقلام مغربية جاهدة على إبراز مساهمة الغرب الإسلامي في الأدب العربي، وفي المقدمة نجد ” النبوغ المغربي ” للعلامة سيدي عبدالله كنون، الذي أماط اللثام عن كوكبة من العلماء والأدباء لا يقلون عن نظرائهم المشارقة في النظر العقلي، والإبداع الفني. عملوا على غرس بذرة الكلمة والفكرة في تربة هذا البلد الأمين، بتأسيس الكتاتيب القرآنية، والمدارس الحرة أيام إحكام الاستعمار قبضته على مقدرات البلاد، ورقاب العباد.
فخلف من بعدهم خلف اكتسبوا من فنون القول وأصالته، ما أهلهم لنشر تقاليد القراءة بين عموم الناس، وإخراج الكتاب ذي العلامة المغربية من الأروقة الأكاديمية، ووضعه على واجهات المكتبات والأرصفة، بأثمنة في متناول الجميع، ومنافسة لتلك الوافدة من الشرق. ولازالت الذاكرة تحتفظ بسلسلة شراع، الزمن، المعرفة للجميع، وجهة نظر،… بمساهمة نخب فكرية مغربية، أبانت عن علو كعبها في العطاء الفكري والأدبي. ولا شك أنه مجهود يتبث جدارته، ويحلق عاليا في سماء العرب الفكرية، ويحصد الجوائز بالجملة في حلبات المنافسة(تسعة فائزين في مسابقة الكتاب العربي لهذه السنة ).
والأمل معقود في الناشئة التي سار ثلة منها على الدرب، في الزمن الرقمي، حيث نسبة المقروئية في أدنى مستوياتها، لكن الكتاب ما زال يزين أرصفة شوارعنا، ومنصات منتديات شبابنا. وهاهم يسجلون حضورا يزداد سنة بعد أخرى، في المسابقات القرائية المحلية والعربية، على درب مريم أمجون وأمثالها.
