“حين شاخت محفظتي”

7 يناير 2025

بقلم ذ. الخليل القدميري

شاخت محفظتي وشحب لونها، وظهرت فيها بقع سوداء وأخرى صفراء ورمادية، كما كثرت بها ثقب صغيرة، عادة ما تظهر في الجلد حين يهرم على مر السنين.
بالغتُ في إلحاحي على والدي لكي أستبدل محفظتي الطاعنة في السن، بأخرى أكثر نظارة ومتانة وجدّة، وكان رحمه الله يقابل طلبي بلامبالاة كانت تضايقني، وتؤجج رغبتي في الحصول على محفظة جديدة.
وحين كرّرتُ طلبي على والدي في صباح أحد الأيام نظر إليّ ملياً وسألني: هل تسقط الكتب أو الأدوات المدرسية من محفظتك هاته؟ قلت: لا.
قال: إذن لماذا تريد محفظة أخرى، ما دامت هذه تلبي حاجتك؟
رضيت على مضض بما قاله الوالد، وذهبت إلى المدرسة أحمل على كتفي محفظة ورثتها عن أخي الأكبر، الذي ورثها هو بدوره عن أصغر أعمامي، إلا أن الوالد فاجأني حين عاد إلى المنزل في المساء بمحفظة جديدة كانت فرحتي بها عارمة.
سرعان ما تحولت فرحتي إلى أسى عميق ساورني حين آلمني ظهري بفعل صلابة مادة البلاستيك التي صنعت منها محفظتي الجديدة وبفعل رائحة كريهة تنبعث منها حالما تتعرض لحرارة الشمس التي عرفت بها مدينتي العزيزة.
عاد إليّ الحنين إلى محفظتي القديمة لأصالتها وتاريخيتها ورائحتها الطيبة وقربها من طبيعتي التي فطرت عليها.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading