
“شرارة الحرية”
بقلم ذ. أحمد الشواي
( حكاية عن رجل اختار الكرامة من أجل البقاء )
كان الفجر يتسلل بخجل بين جبال وسهول الحوز المغربي، يغمر الأرض بضياء هادئ يُخفي تحت هدوئه غليان القلوب.
في ذلك الصباح، كان ” البشير ” يسير بجانب صديقه عمر على ظهور خيولهم، يتحدثان عن الأحلام البعيدة.
“تخيل، يا عمر، أن نعيش يومًا بلا جنودٍ يطاردوننا أو أوامر تُفرض علينا كأننا عبيد!” قال البشير بنبرة متحمسة، فابتسم عمر وأجاب: “ذلك حلمٌ يستحق أن نموت من أجله.”
بينما كانا يتبادلان الحديث، ظهر فجأة فيلق من جنود المستعمر أمامهما، وجوههم باردة وأعينهم ممتلئة بالغرور. أوقفهما القائد بعجرفة وأمرهما بالنزول عن الخيل.
“اركعوا!” صاح القائد بلهجة آمرة، لكن الشابين بقيا واقفين بثبات.
“نحن لا نركع إلا لله”، قال عمر، وهو ينظر إلى القائد دون خوف.
لم يتحمل القائد هذا التحدي، فتقدم ورفع سوطه وصفع عمر على خده وهو ممتطيا جواده.. في تلك اللحظة، اشتعلت نار الغضب في قلب البشير.
لم يكن الأمر مجرد صفعة لصديقه، بل صفعة لكل كرامة داسها المستعمر.
دون تفكير، تقدم البشير، ورد الصاع بصاعين، فسقط القائد على الأرض أمام جنوده.
كان الصمت في البداية سيد الموقف، قبل أن تتحول النظرات إلى توتر. فهم البشير ما فعله، ولم ينتظر رد الفعل. أدار فرسه وهرب بسرعة، تاركًا خلفه عمر والجنود في حالة من الصدمة.
في الأيام التي تلت، أصبح البشير حديث القرية. الشاب الذي تجرأ على مواجهة المستعمر. لكن هذا الشرف كان يحمل في طياته خطرًا كبيرًا. الجنود بدأوا البحث عنه، وأصبحت كل خطوة يخطوها خطرًا على حياته وعلى عائلته.
في ليلة مظلمة، اجتمع البشير مع أقربائه في بيتٍ صغير. بعد نقاش طويل، قرر أن يغادر قريته. لم يكن قرارًا سهلاً، لكنه كان يعلم أن بقاءه سيؤدي إلى كارثة.
عند الفجر، ركب البشير جواده وانطلق نحو الشمال، حيث قيل له إن هناك أرضًا لا تصل إليها سلطة المستعمر. كان قلبه مليئًا بالحزن على ما تركه خلفه، لكنه كان يعلم أن هذه البداية فقط.
كان البشير يعلم أن الرحلة لن تكون سهلة، لكنه أقسم في قلبه أن يجعل من غربته خطوة نحو الحرية.
( يتبع ).
(ما هذه الا بداية لرحلة جديدة بحثا عن الجمال في النضال من أجل حياة أفضل.. من خلال حكايات قد تشبه الحكايات التي سمعناها ونشانا عليها مع اباءنا واجدادنا وما حولنا من عوالم…).