دوائر ناعمة:

22 نوفمبر 2024

د عزيز الهلالي : 

كيف يمكن تقبل سيطرة الغير على جسدك، وتحويله إلى سجل للتجارب، وإلغاء حقك في رفض ما يهدد سلامة الجسد!؟
كيف يمكن تقبل انهيار مؤسسات معرفية وإيدولوجية، وتحولها إلى مراكز للحراسة والترويض بدل أن تكون فضاء التواصل مع تاريخية الفكر والإبداع الإنساني !؟
كيف يمكن تقبل صورا قاسية للحرب، ونتائجها الكارثية، كيف يمكن تقبل صور مؤلمة للأطفال وهم في وضعية الإدمان على الأقراص المهلوسة، ومختلف صنوف المخدرات، بدل تواجدهم القانوني في مؤسساتهم التعليمية؟ كيف يمكن تقبل”حريك” من نحب لنجدهم صباح الغد عناوين مآسي الأسر الفقيرة !؟
العماء ليس لعنة من السماء، بل صناعة يتم تكوينها علناً لتقدم في صورة “أب” ينكر أبوته لما يعتقد أنهم من صلبه، أو سجال بين “دمية” ونظيرتها حول الأحق بمجد السهرات. الصورة رمادية، ومختلف القنوات (التلفزية والرقمية) تقدم لنا الحياة بعيون هؤلاء التافهين، وتخلق واقعا يختفي فيه التفكير أو حتى الرغبة في الفهم. لا وجود للغامض أو المستحيل، كل شيء يصنع في شكل أحداث جديدة تستدعي تفاعلات آنية، والكل مدعو لهذه المشهدية الساذجة، أو عبر التتبع والتفاعل الآني، هكذا يتمكن صناع التفاهة من ربط الكائن بحبال غير مرئية Online، لتتمكن هذه الصناعة من تكوين دوائر ناعمة وسامة تحد من التفكير و الحركة، لصالح وضعيات نمطية قد تفضي إلى موت الإرادة، وتعميم العماء. والحالة هذه فإن إنقاذ الحياة يتطلب قوى وطنية، ومشاريع طموحة، تراهن على الوطنية الحقة، وعلى أولويات المواطن وحقه في الصحة ، التعليم، العمل، النزاهة، العدالة المجالية.
غياب اخلاقيات التواصل ساهم في امتداد مشاعر الحقد و الكراهية تجاه الآخرين، والنتيجة حتما سطوة “الحقد الاجتماعي” والعنف في الخطاب وفي أشكال مادية مؤلمة، نتج عنها نزيف داخلي وخسارة لقيم تميز الذات والمجتمع. إشراقة الشمس المنيرة كل صباح أمر لا يمكن الاختلاف حول كونه حقيقة ساطعة، لكن التغيير في أخلاقيات التواصل وتحققاته المختلفة لا يمكن أن يحدث في غياب إرادة تنويرية، ونزعة إنسانية محظة تخلصنا من ممجدي الفراغ، وحاملي معاول الهدم.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading