دردشة مع محامي شاب .

3 نوفمبر 2024

ذ . ادريس حيدر :

إلى كل الزملاء المحامين في ربوع الوطن أهديكم على هامش الإضراب الذي نخوضه جميعا، هذه الدردشة ذات الرسائل القوية و العميقة .

دردشة مع محامي شاب .

منذ أن التحق الزميل الشاب بمهنة ” المحاماة ” ، ترك لدي انطباعاً إيجابيا .
كان يحضر إلى المحكمة بلباس نظيف و أنيق ، و بمظهر لائق ، و يتحرك في ردهات المحكمة بجدية و ديناميكية عالية لا تخطئها العين و دائما مبتسما و محييا زملائه و الموظفين .
مهذب ، وديع ، ذو نظرات ثاقبة تعكس فطنته و ذكاءه .
كان يرتدي بذلته السوداء و تلف ذراعه الأيمن شارة حمراء تعلن غضب المحامين و استياءهم .
سألته :
” هل تعجبك مهنة المحاماة ؟ و هل أتيت لها اضطرارا أم اختيارا ؟” .
أجابني بهدوء و الابتسامة تعلو محياه ؛
” منذ أن كنتُ طفلا ، و أنا أعشق هذه المهنة ، في البداية أثارتني جبة المحامي و تمنيتُ ارتداءها ذات يوم ، و مع مرور الوقت و بداية قراءاتي المتعددة ، تيقنتُ أن مهنة المحاماة نبيلة ، و أنها رقم هام و صعب في معادلة العدالة . و بالتالي فولوجي فيها كان اختيارا و عن قناعة ، بل لازلتُ أحلم بأن أضطلع برسالة المحاماة الخالدة ، و أن أساهم في حدود إمكانياتي بالدفاع عن المظلومين و إعلاء كلمة الحق و تحقيق العدل ، و لازالت هذه الرغبات تسكنني “.
سألته ثانية :
” ماذا تعلمتَ من مهنة المحاماة ، خلال الفترة التي قضيتها في حضنها ؟” .
قال :
” لقد علمتني هذه المهنة ، ما لم أكن أعلم ، و لقنتني دروسا في التمسك بالقيم الفضلى ك:
– الاختلاف الرحيم .
– الدفاع عن الحق بشراسة .
– احترام الغير .
– العمل على التكوين المتين .
الدفاع و صيانة حقوق الإنسان حسب الميثاق العالمي لحقوق الإنسان .
و بالتالي أدركتُ أن المحامين ليسوا بمستخدمين أو أجراء ، بل رُسُلَ سلام و محبة و عدل “.
انتابتني مشاعر الغبطة و الإعجاب ، لما ينثره هذا الزميل الشاب من ذرر غالية .
توجهتُ إليه ثانية ، إمعانا مني في اختبار قدرته على فهم أسباب الإضراب اللامحدود الذي دعت إليه :” جمعية هيآت المحامين بالمغرب ” و الذي سيبدأ يوم ؛ 01|11|2024 ، و سألته من جديد :
“هل فهمتَ دواعي الإضراب ؟ و هل أنت متفق مع قرار الجمعية المذكور ؟”.
ورد قائلا :
” أجل ، إن هناك محاولات كثيرة و واضحة مع إصرار من طرف الجهات الحاكمة من أجل استهداف المكانة الاعتبارية لمهنة ” المحاماة ” كفاعل رئيسي في تنزيل مفاهيم العدالة في الدولة الديمقراطية و محاولة ضرب أسس رسالتها الكونية .
ثم إنها محاولة من أجل الاستمرار في فرض أفكار أحادية الجانب في إطار رؤية إصلاحية ضيقة ترمي إلى حل مشاكل العدالة على حساب مكتسبات المتقاضين و المهنيين بشكل يكرس التمييز بين المواطنين ، و يضرب في العمق الحق في التقاضي و مبدأ الولوج المستنير إلى العدالة ، في الوقت الذي كان يقتضي الأمر حلول شاملة تنبني على مبدأ التشاركية و مراعاة مصالح الأطراف و تحمل المسؤولية في تدبير القطاع ، و من تم صح القول في هذا السياق ، و ارتباطاً بهذا الإضراب ، إن القضية قضية وجود ، فإما أن نكون أو لا نكون “.
أُعْجِبْتُ كثيرا بتحليل زميلي المحامي الشاب ، و قراءته العميقة لخلفيات و مرامي هذا القرار الغير المسبوق في تاريخ هذه المهنة بالمغرب .
ربثتُ على كتفه ، و غمرني من جديد شعور خاص ، و أدركتُ أن مهنة ” المحاماة ” بأيادي أمينة و لا خوف عليها و على مصيرها ، و أن الخلف
سيتسلم مشعل النور من السلف لإتمام المسيرة و تحقيق أهداف هذه المهنة الشريفة .،

 

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading