القسم الثاني : سلاما أصدقائي سلاما (4)

7 أكتوبر 2022

ذ . إدريس حيدر

من كل أولئك الأطفال المتمدرسين ،فَضُلَ قرابة 20 تلميذا ،أي فصل وحيد ، و هم الذين تمكنوا من اجتياز امتحان ” الباكلوريا ” ،فيما الباقي ،إما امتهن مهن أبيه ،أو انخرط في سلك المجدية، أو هاجر خارج أرض الوطن ، و قلة منهم انحرفت و ترددت على السجن أكثر من مرة بتهم مختلفة .
كان نجاحنا في امتحان ” الباكلوريا ” حدث استثنائي في حياتنا و حياة عائلاتنا ،بحيث إنه زلزل كياننا و جعلنا نعتقد أن أبواب المستقبل الواعدة قد فُتِحت أمامنا، و أننا ربما سننخرط قريبا في سلك الإدارة و سنتمكن من إعالة أسرنا الفقيرة .
و شعرنا أن المجتمع بكامل تركيباته، أصبح يتعامل معنا باحترام و تقدير .
و لازلتُ أتذكر ذاك الصباح الذي قررنا فيه نحن الخمسة ،الالتحاق بمدينة ” الرباط” من أجل التسجيل في الكليات التي اختارها كل منا .
امتطينا حافلة محلية لصاحبها :المرحوم ” السدراوي ” ،محملين بحقائب كبيرة ممتلئة عن آخرها بملابس كل الفصول ،و الحال أن سفرنا لم يكن إلا بغرض التسجيل.
بعد وصولنا للعاصمة و بالضبط عند التوقف النهائي للحافلة في الساحة الصغيرة التي كانت محاذية لمحطة حافلات : C.T.M.و وزارة العدل حاليا ،تفرقنا في كل الاتجاهات لاستفسار المارة عن الطريق المؤدية للجامعة .
قطعنا مسافة طويلة و نحن نجر تلك الحقائب الكبيرة مرتادين لجلاليب صوفية درءا للبرد .
و عندما رأينا بناية كبيرة و شامخة ،كُتِب على واجهتها : ” جامعة محمد الخامس ” ، اعتقدنا أننا وصلنا إلى مبتغانا .
كان الشارع عريضا ،ظليلا و هادئا ، و أدركنا أننا في غادة راقية .
جلسنا في إحدى الكراسي الحديدية من أجل الاستراحة ،فغصنا في سبات عميق ، و لم نستيقظ إلا بعد سماعنا لأصوات كثيرة يتردد صداها في المكان .
كان الطلبة يخرجون من تلك البناية بعد قضائهم الصبيحة في الدراسة و التحصيل .
بعد لحظة من استيقاظنا فهمنا أننا نمنا بالقرب من كلية العلوم ، و أن هؤلاء الذين تعلو أصواتهم هم طلبتها.

يتبع…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading