هــــــؤلاء عــــــلــــــمــــــونــــــي :( بمناسبة اليوم العالمي للمدرس )

5 أكتوبر 2022

أحمد الطود : 

…………………………………

انتقلت إلى مدرسة سيدي بوحمد .. وفيها وجدت رحمة الله مجسدة في شخص الأستاذ إدريس الحراق طيب الله ثراه . كان طيبا نبيلا ، ليس معنا نحن تلاميذ قسم المتوسط الأول فقط، بل مع الناس جميعا، وأنا أذكره لأن صدمة الشعر الجميلة أصابتني على يده ، فقد كانت مختاراته لنا في مادة المحفوظات مختلفة عما ألفناه
وعهدناه من نصوص أذكر منها مرثية الخنساء لأخيها صخر، وقصيدة ابن سناء الملك في الفخر التي مطلعها :

سواي يهاب الموت أو يرهب الردى

وغـيـريَ يهـوى أن يـعـيـش مـخـلـدا

هذه التي لم أكن أشبع من ترديد أبياتها بيني وبين نفسي، فقد أدهشتني بما وضح لي من أبياتها، وأدهشتني أكثر بما استغلق علي من معانيها.

في السنة الموالية، وهي سنتي الأخيرة في المرحلة الابتدائية، أتاني الحظ يختال ضاحكا، فقد قدر لي أن أتتلمذ على الأستاذ عبد القادر الطود رحمه الله وهو ابن عم لي، كانت دروسه شائقة جدا وممتعة، وكان أكثر تشويقا وإمتاعا في دروس التاريخ
ودروس المطالعة التي كنا نعتمد فيها على كتاب القراءة المصورة اللبناني. أما نصوص المحفوظات التي كان يختارها لنا فقد جعلت ذاكرتي حديقة من أجمل الأزهار وأعذب الأشعار، فمن خلالها تعرفت على أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم ، وإبراهيم طوقان، وطارق بن زياد في خطبته الحماسية قبل فتح الأندلس، وأبي البقاء الرندي في مرثيته الأليمة بعد سقوط الأندلس وغيرهم .. دون أن أنسى أن السي عبد القادر الطود هو الذي فتح وعينا على كنوز الطرب الأندلسي استعدادا لاحتفالات آخر السنة.

في المرحلة الإعدادية بالمعهد المحمدي استفدت كثيرا من أساتذة كثيرين، ولكن أهمهم بالنسبة لي كان الأستاذ عبد القادر واية رحمه الله .. كانت له قدرة الساحر الماهر في تبسيط المعقد من الدروس ، وكثيرا ما كان الدرس يتحول إلى مسرحية
يتولى هو الإشراف عليها ويقوم التلاميذ بتشخيصها . السي عبد القادر واية هو الذي حبب إلي دروس النحو ، أو قل زادني حبا فيها، وهو

الذي عقد بيني وبين الشاعر المهجري إيليا أبي ماضي صداقة لا تنتهي .. وعلى يده بدأت أستشعر موسيقى الشعر وإيقاعاته من خلال تدريسه لنا فصلا من مسرحية مصرع كيلوباترا لشوقي كان ضمن نصوص كتاب المطالعة العربية اللبناني.

وفي المرحلة الثانوية التي درسنا منها عامين بالمعهد المحمدي في القصر الكبير والعام الثالث – البكالوريا –درسناه بالقاضي عياض في تطوان كان أهم أساتذتي على الإطلاق هو المرحوم عبد القادر الساحلي، استفدت منه لغويا وبلاغيا، فقد كان بدون مبالغة رجل الفصاحة يدعوها فتجيبه، ويأمرها فتطيعه. هو الذي أزاح لنا الأستار عن مفاتن الأدب القديم شعرا ونثرا من العصر الجاهلي حتى العصرين العباسي والأندلسي، وهو الذي حبب إلي الشاعرين النابغة والأعشى الأكبر، وعلى يده اكتشفت البحتري وشاعر العرب بل شاعر الإنسانية الأعظم المتنبي.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading