ذ . إدريس حيدر
و الطفل الفنان ” امخيتر ” الذي كان يقضي وقته في تشكيل لوحات فطرية و لكنها تنم عن كونه مبدع يتوفر على موهبة لا تخطئها العين .
ثم الطفل ” أحمد ” ذو الملامح الصغيرة و الحادة و الجسد الهزيل ، و الذي يتمتع بقدرة هائلة في فك لغز المعادلات الرياضية و الحسابية الصعبة .
مرت الايام سريعا ،و رمت الاقدار باولئك الأطفال و الأصدقاء في مسارات مختلفة من الحياة .
غير أن أولئك الذين كانوا يميلون للرعونة و الشغب ،انخرط أغلبهم في الجيش أو هاجر للخارج أو مارس تجارة بسيطة في إحدى دكاكين المدينة .
فيما غيرهم من النجباء ،فقد تبوء مراكز متقدمة في الإدارة ،التعليم …الخ ،و أما ” امخيتر ” فأصبح فنانا تشكيليا مرموقا.
من جانب آخر ، فإن بعض التلاميذ الذين كانوا يركنون في زوايا الاقسام ، و الذين كانوا يلوذون بالصمت ، و يسكنهم الخجل لدرجة يعيقهم فيها عن إبداء ذكائهم و حسن إدراكهم للأشياء ، تفجرت فيما بعد إمكانياتهم المضمرة ،لأسباب موضوعية و أخرى ذاتية ، فأصبح البعض منهم قائدا للحركات الاجتماعية و السياسية و آخرون نبغوا في ميادين الإبداع : الشعر ،القصة ،الرواية ،التشكيل ،الموسيقى و المسرح …الخ.
لقد كان هؤلاء الصبية نواة صلبة لرجال صنعوا مستقبلهم المضيء في منطقة من المغرب المهمش ، في ظل فقر مذقع و معاناة و حرمان كبيرين .
كنا نقضي اوقاتنا في اللعب طيلة اليوم ، و في الدراسة بعضه ، و ننام قريري العين ،في انتظار يوم آخر قد يحمل جديدا.
فهؤلاء الذين شكَّلْتُ معهم لوحة طفولتي و صبغتها بألوان قزح البهية ،أقول :
” سلاما أصدقائي سلاما ”
انتهى …/.