ذ . إدريس حيدر
كان ذلك الصباح قائظا ،و الحرارة جد مرتفعة إلى درجة يجد معها المرء صعوبة في التنفس ، و يُخَيَّلُ له و كأن الشمس اقتربت من كوكب الأرض ،بل كانت بعض الطيور تسقط أحيانا ميتة بفعل الحرارة ، كما أن بعض الحرائق كانت قد اشتعلت في الغابات و المزروعات نتيحة لحالة الطقس الغير المألوفة و المرتفعة درجاتها.
و كانت البلاد برمتها قد عانت من تلك الأجواء الملتهبة ، و التي ارجعها بعض المختصين إلى عوامل الاحتباس الحراري و التغييرات المناخية …الخ.
كان الزمان أوائل شهر غشت .
في هذه الأجواء المحمومة ،خرجت في إحدى الصباحات من منزلي – و بالمناسبة فهو يقع في حواشي المدينة و بالقرب من نهر ” لوكوس” الخالد – متجها إلى مقر عملي و لاحظت أن الجزء السفلي لأحد الاشخاص كان ملتصقا بحاوية قمامة و ازبال الحي، بينما جزءه العلوي بداخلها.
لم افهم شيئا ، و تساءلت :
” هل كان يبحث فيها عن شيء يهمه ؟
” ام أنه يبحث في القمامة لعله يجد منقولات يبيعها في سوق المتلاشيات الأسبوعي؟
” ام له حاجة أخرى يقضيها ؟ ”
همهمت و سعلت لأثير انتباهه ،أخرج جزءه العلوي الذي كان داخل الحاوية ، و انتبهت إلى أنه كان يأكل شيئا ما عثر عليه هناك .
كان رجلا في عقده الخامس تقريبا ،متسخ الملابس ، بذقن مهمل ،نَمَت عليه شعيرات بعضها أصبح رماديا ،و كان فمه ملطخا بسائل أسود و خاصة على جنباته .
فاجأته بسلامي :
” السلام عليكم ”
رد باضطراب و تلعثم بل و ذعر و كأنه كان يرتكب جرما :
” و عليكم السلام ”
و أضاف:
” إنه الجوع ياسيدي.
لقد طرد النوم من جفوني …”
يتبع…