” آه ،الجوع يا سيدي ” (1)

2 سبتمبر 2022

ذ . إدريس حيدر

كان ذلك الصباح قائظا ،و الحرارة جد مرتفعة إلى درجة يجد معها المرء صعوبة في التنفس ، و يُخَيَّلُ له و كأن الشمس اقتربت من كوكب الأرض ،بل كانت بعض الطيور تسقط أحيانا ميتة بفعل الحرارة ، كما أن بعض الحرائق كانت قد اشتعلت في الغابات و المزروعات نتيحة لحالة الطقس الغير المألوفة و المرتفعة درجاتها.
و كانت البلاد برمتها قد عانت من تلك الأجواء الملتهبة ، و التي ارجعها بعض المختصين إلى عوامل الاحتباس الحراري و التغييرات المناخية …الخ.
كان الزمان أوائل شهر غشت .
في هذه الأجواء المحمومة ،خرجت في إحدى الصباحات من منزلي – و بالمناسبة فهو يقع في حواشي المدينة و بالقرب من نهر ” لوكوس” الخالد – متجها إلى مقر عملي و لاحظت أن الجزء السفلي لأحد الاشخاص كان ملتصقا بحاوية قمامة و ازبال الحي، بينما جزءه العلوي بداخلها.
لم افهم شيئا ، و تساءلت :
” هل كان يبحث فيها عن شيء يهمه ؟
” ام أنه يبحث في القمامة لعله يجد منقولات يبيعها في سوق المتلاشيات الأسبوعي؟
” ام له حاجة أخرى يقضيها ؟ ”
همهمت و سعلت لأثير انتباهه ،أخرج جزءه العلوي الذي كان داخل الحاوية ، و انتبهت إلى أنه كان يأكل شيئا ما عثر عليه هناك .
كان رجلا في عقده الخامس تقريبا ،متسخ الملابس ، بذقن مهمل ،نَمَت عليه شعيرات بعضها أصبح رماديا ،و كان فمه ملطخا بسائل أسود و خاصة على جنباته .
فاجأته بسلامي :
” السلام عليكم ”
رد باضطراب و تلعثم بل و ذعر و كأنه كان يرتكب جرما :
” و عليكم السلام ”
و أضاف:
” إنه الجوع ياسيدي.
لقد طرد النوم من جفوني …”

يتبع…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Breaking News

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading