إدريس حيدر :
تسببت في الأيام الأخيرة درجات الحرارة المرتفعة جدا و التي اقتربت من 40 درجة مئوية و أحيانا تجاوزتها و كذا الرياح العنيفة إلى اندلاع النيران و الحرائق الخطيرة في مناطق مختلفة من البلاد .
و من المعلوم أن البلاد تتعرض منذ أيام عدة لموجة حرارة شديدة و مرتفعة اقتربت من 46 درجة مئوية ،في وقت تعاني فيه جفافا استثنائيا و إجهادا مائيا.
و حسب التقديرات الأولية فقد تضررت بسبب هذه الحرائق ما يزيد عن 9000هكتار من الغابات و الغطاء النباتي.
و قد جرى إجلاء ما يزيد عن 1325 أسرة موزعة على 19 دوارا ،استنادا إلى مصادر محلية ، كما التهمت النيران 170 منزلا ،كما خلفت خسائر جسيمة طالت حوالي 400 هكتار من الأشجار المثمرة و الصنوبر ، و بالتالي فقد بعض المنكوبين كل ما يملكون من مساكن و ماشية ،بحيث أصبحوا بدون مأوى و لا مصدر لهم للدخل. كما سجلت هذه الأحداث موت أحد الأشخاص.
هذه الوقائع أثارت النقاش القديم / الحديث ، حول شروط الاستفادة من تعويضات صندوق الكوارث الطبيعية المغربي إلى الواجهة و أحقية ” ضحايا الحرائق ” في الحصول على تعويض عن الخسائر المادية التي لحقتهم .
و يجدر التذكير أنه و في سنة 2020 بدأ العمل بصندوق التضامن ضد الكوارث الطبيعية حيز التنفيذ ،بموجب القانون : 110.14 الخاص بإحداث نظام لتغطية الخسائر الناجمة عن كوارث طبيعية ، غير أنه يتعين في البداية إعلان ما حدث ” كارثة طبيعية ” و هذا ما لم تعلنه الحكومة علاقة بالحرائق التي شبت بشمال المغرب على وجه الخصوص.
فبالرغم من الإجراءات المستعجلة و المحدودة ؟؟؟؟؟؟التي اتخذتها إلا أنها لم تعلن أن ما وقع يعتبر “كارثة طبيعية ” و بالتالي لا تطالها مقتضيات القانون المشار إليه أعلاه.
و من جهة اخرى فبالرغم من إخماد النيران المؤقت ( لقد اشتعلت النيران من جديد قرب قرية ” صخرة القط ” و نواحيها ) في مناطق مختلفة من المغرب ،فإنها خلفت خسائر كثيرة منها :
– القضاء على الغطاء النباتي.
– نفوق الحيوانات و الطيور و المواشي .
– فقدان السكان المجاورين لتلك الغابات لممتلكاتهم و منازلهم .
إن قوة الحرائق استنفرت بعض من السلطات المحلية و عناصر القوات المساعدة و مصالح الدر ك الملكي و رجال الوقاية المدنية ، كما تمت الاستعانة بطائرتي ” كنادير “من أجل إخماد الحرائق .
غير أن ما أثار التقدير ،الاحترام و الإعجاب هو عمليات التطوع التلقائي التي قام بها شباب المناطق المنكوبة و المجاورة ، و التي كانت تهدف إنقاذ البشر و الحيوان ، توزيع المواد الغذائية و قنينات الماء التي تطوعت بها جهات مختلفة من المجتمع المدني ، و كذا المساعدة في إخماد النيران.
كان أولئك الشباب ينجزون تلك الملاحم بعرقهم و دمهم و أحيانا في عمق الليل حيث تنعدم الرؤية و تكثر الصعاب.
كل هذه الأحداث الكارثية التي عصفت بالارض و الإنسان كانت تقتضي انتقال أعلى المسؤولين في البلاد إلى تلك المناطق ، لمشاركة الساكنة آلامها و التخفيف عنها و رفع معنوياتها و إعطاء الأوامر قصد التدخل العاجل من أجل احتواء الكارثة.
و هذا ما قام به السيد رئيس الحكومة الإسبانية” سانشيز ” الذي انتقل إلى الأمكنة التي نشبت بها الحرائق ،و نفس الشيء قام به الرئيس الفرنسي ” ماكرون “.
و هذه هي القيم النبيلة للفعل السياسي واطلاع المسؤول بالمسؤولية التي انيطت به و التي من أجلها تم انتخابه.
غير أنه و بموازاة مع هذه الكارثة التي اتت على الأخضر و اليابس ، و بينما كان سكان المنطقة يعيشون الخوف و الذعر على أبنائهم و ممتلكاتهم ، كان السيد رئيس الحكومة و بعض من أفرادها يحضرون مهرجان ” تيميتار ” بأكادير، حيث نقل الإعلام الرسمي انخراطهم و مشاركتهم في تلك الاحتفالات الغير المجدية ،فيما جزء كبير من الشعب يحترق بمعية ممتلكاته و حيوناته
و إنها لعمري مهزلة أخرى …