أمهاتنا لكن كل التقدير

8 يوليو 2022

محمد علوى:
☆ ☆
تماهيا مع الاحتفاء بالأمهات المناضلات من طرف الأستاذين الجليلين الأستاذ المحامي إدريس حيدر و الدكتور القدير عبد السلام دخان ارتايت ان أتفاعل معهما بموضوع:

(المرأة القصرية فاعلة اجتماعية تربوية و اقتصادية خلال أواخر الخمسينيات و الستينيات.
☆ ☆
من مميزات هذه المرأة ، أنها كانت تحارب بإصرار على كل الواجهات بالإضافة الى مشاكلها الخاصة ، و من طباعها أنها تضاهي الرجل ، و تتساوى معه عقليا و ميدانيا ، و قادرة على العمل و الإنتاج و الإبداع من خلال اتقانها للغزل و الطرز و الخياطة بكل الصنوف ، و الطبخ و الحلويات بكل الأنواع بالإضافة إلى اتصافها بالوفاء و احترام القيم .
فعلا المراة القصرية شكلت نصف المجتمع في هذه الآونة ، فهي مورد بشري هام ، واجهت كل التحديات رغم ما كان يعترضها من صعوبات بسببب بعض العقليات المتحجرة و إكراهات الطابوهات المستشرية ، فهي الأم و الزوجة ، تربي الأبناء بجد و تعطي زوجها اعتبارا و قيمة رغم كل الظروف فتتعب و تكد في بناء الأسرة و تساهم في تنميتها من خلال عدة أعمال ميدانية تقوم بها
من هذه أهمها عملية الغزل و التسويق و سأتقاسم معكم هذه المرحلة بحيثياتها ، باعتباري عايشتها عن قرب و ممارسة و أتمنى أن أوفق.
******
بعد عملية الكبرتة على سلة من قصب -مقتناة من عند الجيلالي المشهور بإتقانه لصناعة السلال بالسلالين قرب لالا عائشة الخضراء ، المجاورة للسوق الحبوب (سوق سبتةاليوم)-حيث تكفى هذه السلة على مجمر يتقد نارا يتصاعد منه دخان كبريت يخنق الأنفاس يعطي للصوف الأبيض لونا مائلا إلى الصفرة كما يطهرها من الحشرات الصغيرة ، تقوم الصوافة بعملية التقطيب -تضرب الصوف بقضيب لفك تشابكها- ثم تعيد فرزها إلى ما يصلح لغزل “لْقْيَامْ-سْدَا” -خيوط صوفية رقيقة ذات جودة عالية – هذا الأخير الذي تقوم نساء متخصصات بغزله ، مقابل ثمن حسب جودته و وزنه ، و ما يصلح لغزل “الطُّعْمَةِ” الخيوط الغليظة ، التي تنسج بها الأغطية و الجلاليب و الأفرشة.
تعد والدتي أدوات العمل من “قرشال و شبو” و مغزل ، الذي هو عبارة عن قضيب أسطواني طوله 40 سنتنترا ، و قطره سنمترين ، مسنن الطرفين ، به بكرة خشبية تسهل دورانه على الساق تبعد عن طرفه السفلي بحوالي 10 سنتيمات و زليفة تتخذ كنقطة ارتكاز لدوران المغزل.
وقت العمل عند الوالدة محدد في زمكانيا ، حيث تقوم بهذه العملية صباحا بعد صلاة الفجر أو مساء ما بين الظهر و المغرب في أحد أركان صحن المنزل رفقة جاراتها اللائي يجدن في ذلك متنفسا للحديث عن معاناتهن الخاصة و العامة.
تقتعد الأم مخدة واسعة متلحفة بدثار مخطط ، يغطي رأسها سبنية حريرية ، يغلب عليها الأصفر و الأخضر ، وهذه الألوان لم تتخذها عبثا باعتبار أنها من مريدي الزاوية العيساوية ، و تتحرف على كتفيها بحمالة قرمزية الخيوط تجمعها عقد حمراء و زرقاء تشد بها أكمامها أثناء شغل البيت و عند الإعداد أو الغزل ، واضعة على يسارها القدر الصوفي الذي سيتم الاشتغال عليه.
تشرع الوالدة كالعادة في تليين الصوف بواسطة القرشال و تصففها الى جانبها بعد تحويلها إلى ليق (ج.ليقة)وهي قطع صوفية معدة للغزل بعد ان تتم هذه العملية تأخذ المغزل و تضعه على ساقها الأيمن و طرفه السفي في الزليفة و تربط الليقة الأولى على رأسه العلوي و تديره ببطن يدها اليمنى فيقوم المغزل بتدوير الليق و تحويلها الى خيوط مغزولة تجمع ببطن المغزل مكونت بكرة تقوم الغزالة بتفرغها على وسيلة قصبية عل شكل صليب تدعى بِالشْبُو فتكون من ذلك حلقة خيوط صوفية تسمى (الطعمة)
بعد أن تجمع الغزالة عدة حلقات طعم تدخلها مع بعضها فتكون سلسلة صوف مغزولة معدة للحياكة.
تقوم الغزالة باختيار مل يناسبها لحياكة ما يحتاجه بيتها من جلاليب زوجها و ابنائها ، و حياك النوم و الخروج بالنسبة إليها و ما ستأخذه للسوق يوم الخميس للبيع لدعم مدخول البيت.
تستيقظ الوالدة يوم الخميس باكرا وبعد صلاة الفجر توقظني لمرافقتها الى سوق الغزل الموجود بباب الواد بالمدينة القديمة هذا السوق عبارة عن ساحة رحبة مدخله بوابة منحنية تعج كل يوم خميس بباعة الطعم و مبتاعون من النساجة (الدرازة) يمر بينهم بين الفينة و الاخرى دلالون و وسطاء يسهلون التبايع كان التعامل بين مرتادي السوق يتميز بالجدية و الاحترام المتبادل اذ يعتبر المكان له قدسته ، فلا رفث ، و لا حط من قدر ، و لا تحرش ، رغم تواجد نساء من بين المتسوقات.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading