الطفلة التي كنتها دة. لطيفة الجباري

1 مايو 2022

الطفلة التي كنتها ” سلسلة رمضانية” تعدها الإعلامية أمينة بنونة .
ترصد السلسلة من خلال ضيوفها – كتابا وكاتبات أدباء وفاعلين في الحقل الثقافي – تجارب خاصة بمرحلة الطفولة والتي عادة ما تشكل بوادر توجهاتنا ومساراتنا المستقبلية
*****************

كانت تنتابني رغبة جامحة في ولوج المدرسة وانا لم ابلغ السنة السادسة من عمري.اذ كلما رجع ابي من متجره الححت عليه ان يدخلني المدرسة فيعدني قريبا قريبا..هذه الرغبة لم تكن حبا في الدراسة على حداثة سني بل للفراغ الذي كنت اشعر به عندما يخرج اخوتي الى مدارسهم وانا اصغرهم قبل ولادة اختي الصغرى كما كنت اتوق الى اللعب مع اقراني اذ لم يكن في زماننا تعليم اولي او روض اطفال كما لا يسمح في اسرتنا للاناث بالذهاب ال الكتاتيب خوفا عليهن…الى أن أنعم الله علي و قرر ابي أن يدخلني الى المدرسة لما اكملت سن السادسة ويرافقني للتسجيل في المدرسة. خرجت مع والدي و قد البستني امي احلى حلة وصففت شعري و انا أكاد أطير من الفرح لنقطع طريقا يفصل بين شارع بسيط و بين سوق الخضر و الفواكه لنمشي خطوات بين دور أنيقة ذات حدائق جميلة. ونحن نشق مسلكا إلى المدرسة المركزية أو رأس الدائرة قطعنا ممرا واسعا أخبرني والدي بأنه شهد معارك متعددة بين الفدائيين و عساكر المستعمر ولما التفت يمينا رايت قوسا كبيرا (قوس المحلة) بلون اصفر طبيعي قال ابي بانه كان يضم مقام المقيم العام الاسباني اما اليوم فهو يشمل منزل باشا المدينة ووراءه وأمامه منازل جميلة . راقتني الاغصان المتدنية من حدائقها و الورود اليانعة بشتى الالوان الابيض و الاحمر و الاصفر و البنفسجي و جوانب هذا الشارع نظيفة و الطرق واسعة. . جمالية لا حد لها اين منها الان .الى ان دخلنا الى المدرسة من باب كبير الى ساحة واسعة بناياتها غير مرتفعة تحفها الاشجار و الاغصان من كل ناحية.. قصدنا احد الاقسام فوجدنا معلما يداعب الشيب راسه يجلس على مكتب في ركن من القسم يقصده الآباء صحبة ابنائهم جاؤوا لنفس الغرض الذي اتينا من اجله نحن. سلم ابي على المعلم المكلف بتسجيل التلاميذ الجدد رجل ظريف تعلو وجهه ابتسامة صادقة انه السي عبد الله رجل وطني غيور من الذين وجدت لديهم مؤهلات معرفية بعد الاستقلال لتسند اليهم مهمة التدريس و ما احتفظ به في ذاكرتي هو ان هذا المعلم كان و مازال خير مثال في التربية و حسن معاملة الصبيان ناهيك عن طريقة تعليمه للتلاميذ خاصة القسم الاول او التحضيري وقد حظيت بالتتلمذ على يديه فبدون اسماء و مسميات واهداف وكفايات ما ان انتهت السنة الدراسية حتى تمكن جميع التلاميذ من اكتساب مهارة القراءة و الكتابة و حفظ حزب سبح أضف الى رافة السي عبد الله بالصغير و الكبير والمريض من التلاميذ و المتعثر دراسيا حتى كنا نحسبه ابا لنا وفي الحصة الاخيرة و بعد الخروج يشيع التلاميذ كل واحد الى وجهته في امن و امان رحم الله السي عبد الله و بارك في عمر غيره من المعلمين الاكفاء السي علال والسي عبد السلام و السي عز الدين….يالبساطة جيلنا ادوات بسيطة و حرص قليل من الاولياء لكن القلوب سليمة و النفوس طيبة و العقول راجحة..

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Breaking News

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading