أد : مصطفى الغرافي
(1)
“المحبة الحقة لا تحتاج إلى أسباب لكي تدوم وتستمر، لأن المحبة الحقة هي التي تولد أصلا من دون أسباب”. هكذا كان يقول لها عندما كانت تُسِرُّ له بأنه سينساها يوما ما. هي لم تكن تعرف أنها كانت بالنسبة إليه “استثناءه” الوحيد الذي لا تجري عليه سنن الطبيعة وقوانين الزمان. وهو لم يكن يقول لها شيئا، لأن قلبه كان يتلعثم كلما نظر إلى عيونها الناعسات السواحر.
(2)
الوعد عندما يُكسَر تنكسر معه نفس وتتحطم روح. والأرواح إذا كُسرت لا تعود كما كانت أبدا. عندما تكسر وعدا تترك جرحا في قلب غيرك لا تشفيه الأيام. وعندما يدور الزمان دورته تعود إليك هديتك، لتكتشف متأخرا أن الوعد عندما يُكسَر يكسر معه نفسين ويحطم روحين، إحداهما روحك.
(3)
كان يؤمن بأنه من حق كل واحد منا أن يكون له شخص واحد يحتمي به من عاديات الزمن، ويلجأ إليه عندما تغلق في وجهه الأبواب ويتخلى عنه الجميع. وقد كانت هي الشخص الوحيد الذي يفكر فيه عندما لا يريد الذهاب إلى أحد.
(4)
كانت بالنسبة إليه “أناه” الأخرى التي هي الأبهى والأنقى. كانت “الفصل الأجمل في الحكاية” كما قال الدرويش. في الحقيقة لم تكن هي مجرد فصل في الحكاية، ولكنها كانت هي “الحكاية” التي تمنى أن يكتبها فصلا فصلا وحرفا حرفا.
(5)
المحبة الحقيقية تولد من الاهتمام. وتولد من الحزن وهشاشة الروح: كان بالنسبة إليها سماءها المرصعة بالفرح وألوان قوس قزح. وكانت بالنسبة إليه شمس الليل وقمر النهار. هي راحة روحه. وهو روحها وريحانها والرَّاح.
(6)
لم يكن يجيد كتابة الحكايات. اكتشف ذلك عندما كبر بما يكفي لكي يفهم أن كتابة الحكايات تحتاج إلى موهبة لم يكن هو يمتلكها. لقد اقتنع أخيرا بأن الحكايات الجميلة يعيشها الصادقون ويكتبها المخلصون.