ذ . إدريس حيدر
صعد ” عمي علي ” إلى أعالي الجبل قصد تفقد الوضع ، فلم يعثر على الرجل / الماعز و زوجته ” خدوج السحارة ” ، و تأكد أنهما رحلا إلى مكان مجهول .
فكر مليا في الأمر و في تداعيات غيابهما و انقطاع موسيقى الكائن الغريب و انعكاس ذلك سلبا على سكان القرية الذين سيحزنون.
قرر إذن ” عمي علي ” أن يلبس جلودا و أن يتقمص دور الرجل / الماعز .
و هكذا بدأ يصعد الجبل خفية و من هناك يعزف على آلة الرجل / الماعز التي تركها له ،كما استمر في إحياء تلك الحفلة السنوية .
فرح الجميع و عادت البسمة إلى وجوههم و اقبل جلهم على الحياة بشكل عادي .
الكل كان يعلم أن الرجل / الماعز قد رحل ،و أن ” عمي علي ” هو الذي يقوم بدوره ، إلا أنهم تواطئوا من أجل إخفاء الحقيقة و عدم الخوض فيها ،بغية الاستمتاع بلحظات سعادة هاربة و مؤانسة مرغوبة .
إلا أن صحة ” عمي علي ” اعتلت ،و سقط طريح الفراش لمدة غير قصيرة مما جعل المرض ينخر جسمه النحيل و العليل.
حزن سكان القرية على وضعه المرضي ،خاصة و أنه كان محبوبا لدى الجميع ،لأنه و فضلا عن طيبوبته ،كان قد أصبح لديهم ، رمزا للسعادة و الانفراج و المتعة ،لكونه يؤنسهم و يسعدهم في الليالي الموحشة بمعزوفاته الموسيقية .
ازدادت مع مرور الأيام، صحته تدهورا و سوء .
و في إحدى الصباحات عُثِرَ عليه في فراشه جثة هامدة . كان قد فارق الحياة .
موته ترك فراغا كبيرا ،و تساءل بعض القوم :
” من بمقدوره بعد الآن ، مؤانستهم بالعزف على آلته الموسيقية ” الغيطة ” و تشنيف اسماعهم بجميل الأنغام ؟
يتبع …
تشكيل : إدريس حيدر.