” عمي علي ” (01)

11 مارس 2022

ذ – إدريس حيدر : 

كانت القرية تقع في أعلى الجبل ، و تطل على روابي خضراء يانعة ،كما على نهر كان يلف خصرها، و ينساب وسط تلك الروابي و كأنه ثعبان يقصد جحره.
و كان غروب الشمس يترك حمرة في الأفق، يُرى من الجبل و كأن سُقْفَ الكون ضُمٍِخ بلون النار ،مما كان يُضْفِي على تلك المنطقة بهاء عَزَّ نظيره.
كان ” عمي علي ” راعيا للغنم و في عقده الخامس ،أب لأسرة متعددة الأفراد ، و دخله الوحيد لإعالتها هي الأجرة البسيطة التي كان يتقاضاها من أحد أغنياء القرية نظير قيامه برعي أغنامه.
كانت ملابسه في الغالب بالية و متسخة ،كما أنه كان يعفو عن لحيته التي كان قد غطاها الشيب .
كان نحيف الجسم ، مشيته كانت متثاقلة و بطيئة و كأنه كان يعاني من مرض باطني.
كان يُنادى عليه من طرف شباب و أطفال القرية ب” عمي علي ” ، نظرا لتقدمه في السن ، و عطفه المستمر عليهم ،حيث كان يوزع عليهم بين الفينة و الأخرى ، الحلوى و بعض الهدايا الرمزية ، و بالتالي كان محبوبا لديهم .
كان ” عمي علي ” عادة ما يأخذ قسطا من الراحة بعد ساعات من الرعي و الوقوف طويلا ، في المغارات التي كانت في المنطقة ، و خاصة في فصل الصيف ، حيث كان يستمتع برطوبة المكان و بظلاله هربا من قيظ الحر و من الشمس التي تكون عادة حارقة ،في هذا الفصل.
و كان غالبا يغفو أو ينام و يدخل أحيانا في سبات عميق .
و في ظهيرة إحدى الأيام القائظة، التجأ ” عمي علي ” ،كعادته لإحدى المغارات التي اعتاد الاستراحة فيها ، و أخذته نوبة نوم عميقة ، تقطعت بسماعه معزوفات موسيقية بآلة ” الغيطة ” ، و كانت في منتهى الروعة .

يتبع…

تشكيل : إدريس حيدر .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading