بقلم: ربيع الطاهري
استحضرا لبعض التدوينات و الخرجات في “الفيس بوك” فمنهم من يستغلها للتشهير و الإساءة بدون وجه حق خروجا عن المقصد ، ومنهم من يعتبر رواده عدميين وسلبين لا يساهمون في تغيير واقع حال مدينتهم ،وهناك من يدفع بضرورة أن يؤطر أي فعل مجتمعي محلي أو وطني في إطاره السياسي و المدني المؤسساتي/ الحزبي ،وهذه وجهة نظر فيها نقاش .
فعندما كانت توصف وسائل الإعلام المرئية منها و المسموعة و المقروءة بالسلطة الرابعة لم يكن الوصف دستوريا، بل كان نابع من البناء المجتمعي الديمقراطي في إطار حرية الرأي و التعبير استنادا لما قاله المفكر الانكليزي/ الأيرلندي “أدموند بروك” أمام مجلس البرلماني البريطاني: “ثلاث سلطات تجتمع هنا تحت سقف في البرلمان لكن هناك في قاعة المراسلين تجلس السلطة الرابعة وهي أهم منكم جميعا” أي من البرلمانيين و ساسة. هنا بدأ يتشكل الإعلام كسلطة مؤثرة وموجهة في الرأي العام للمجتمعات الديمقراطية ،ومع التطور التكنولوجي و المعلوماتي ظهر الفيس بوك ب “جامعة هارفارد” كمنصة لتواصل بين الطلبة، و ثم تعميم هذه التقنية للتواصل الإجتماعي بواسطة زوكربيرغ بتأسيس موقع “الفيس بوك” وذلك في 4 يناير من عام 2004منفتحا على الجامعات و بعدها على العالم، كآلية تواصلية معرفية سريعة ،فقد ساهم الفيس بوك في تبادل المعارف بين الطلبة، و بتغيير العقليات وسرعة نقل الأحداث المحلية في كل منطقة من العالم .
– عربيا: انتشر استعماله على نطاق واسع ،كانت تأثيراته في اندلاع شرارات الربيع العربي بفضح الفساد و الإستبداد و التعذيب، و التحسيس بضرورة التغيير ،تم إسقاط أنظمة استبدادية بحراك شبابي نابع من نداءات فيسبوكية نحو ساحات التحرير في كل من تونس و مصر و ليبيا و اليمن و سوريا .
– وطنيا : شكلت حركة20 فبراير بالمغرب الإستثناء بسرعة استجابة عاهل البلاد في خطاب 09 مارس 2011 فكان التغيير ،وكسر طوق جدار الصمت من طرف شباب مغربي يريد العدالة و الحرية و الكرامة ،هذا وما تلها من أحداث وطنية متعاقبة فيما يخص دور رواد الفيس بوك ك”سلطة رقابة شعبية”، و سخط على استبداد وفساد الإدارة ، وفضح ممارسات عديدة كان أبطالها رجال السلطة و دركيون و شرطة و رؤساء جماعات قروية و حضرية، و الإطاحة بوزراء في فضائح “الشوكلاطة “و” الكراطة” …، وبامتيازات تفويت بقع أرضية باسم” رجال الدولة” … ،كما وثق الفيس بوك خطابات و زلات الأمناء العامين و السياسيين في كل خراجاتهم ،وفي الاستحقاقات الانتخابية الجماعية منها و التشريعية ، وسخروا من برلمانين النيام في “القبة” ،ووثقوا ما بات يعرف بالبولوكاج ،وحملة المقاطعة ،و فضح التغول و الجمع بين سلطة المال و السياسة ، كما كان وسيلة لنشر لثقافة مجتمعية تضامنية زمن كورونا ،وشكل من أشكال الرقابة الشعبية على عمل الحكومة و سياساتها العمومية و القطاعية وقراراتها الموجهة لهذا الشعب.
لقد غير الفيس بوك من نمط وسلوك العديد من المسؤولين ،وأضحى الكل يأخذ الحيطة و الحذر، و منهم من واكب التغيير، كما عملت وزارة الداخلية على إحداث خلية تواكب كل ما يتداول في الفيس بوك ،و من يلج للمجموعات الإرهابية الداعشية ،في إطار تأسيس لمفهوم “الأمن الإستباقي” لأم الوزارات .
– أما محليا : “الفيس بوك” نجده سلاحا ذو حدين ، كان يستعمل كسلاح للتشهير و الإساءة للخصوم السياسيين (مجلس العدالة و التنمية) بلغة فضح ممارسات بعض المستشارين في حقبة تسييرهم ، من طرف كائن إنتخابي بزمرته و مرتزقته، و تبخيس كل عمل للمجلس ،و اليوم وهو في موقع المسؤولية لولايته الثانية أضحى بواسطته يحاول تلميع الصورته، و التعتيم عن سوء تدبيره وتخبطه في ولايته الأولى ،و التشهير بخصومه ومنتقديه ومعارضيه بعيدا عن الأخلاق السياسية والمسؤولية التدبيرية ،للأسف يستعمل الفيس بوك في غير موضعه، وهذا هو السلبي في كل هذا وذاك في “زمن الرق الفيس بوكي المحلي” .
ورغم ذلك بدأ يتشكل وعي شبابي مجتمعي محلي أضحى الفيس بوك منصة انطلاقه للتعبير عن رغبتهم في ملامسة التغيير الحقيقي ،كما أضحى بعض رواد هذا الفضاء الأزرق يضايقون المدبر للشأن المحلي و المسؤولين المحليين و الإقليميين بتساؤلات وتدوينات ،ورقابة لكل جزئيات أي مشروع يتم إنجازه، و سوء التدبير سواء من داخل مؤسسة المجلس، أو بإهمالهم لبعض المرافق المحلية الحيوية ، مؤسسة لثقافة جديدة : “للرقابة الشعبية لساكنة القصر الكبير ” على الشأن العام المحلي، و حماية المال العام من كل أوجه الفساد و الريع السياسي ، نابعة من الغيرة الصادقة لرواد الفيس بوك في إطار نقاش مجتمعي حقيقي يتشكل بوعي محلي قصراوي خالص دون تدخلات أو تأطير من هيئة من الهيئات، و باستقلالية ، فكل يشتغل من موقعه من أجل أن نضغط ونؤثر نحو الفعل التنموي الحقيقي بالمدينة فهذا هو الضمير الجماعي نحو التغيير ،ومن أجل إيصال الصوت للمسؤولين إقليميا و جهويا ووطنيا بتقنية الفيس بوك، الأسرع تأثيرا و تنويرا وتوجيها للرأي العام المحلي القصراوي .
بحق يجب أن يوظف الفيس بوك كآلية لرقابة الشعبية،و كسلطة خامسة على عمل وتدبير المسؤول و المنتخب إن وطنيا أو جهويا أو محليا .