ذ : إدريس حيدر
شنت ” روسيا ” أخيرا حربا شرسة على ” أوكرانيا ” ، حيث وجهت هجوماتها من كل الجبهات : برا، بحرا و جوا.
و جاء هذا الهجوم بعد تحذيرات” الولايات المتحدة الأمريكية ” و حلفائها ل ” روسيا ” من مغبة الهجوم على ” أوكرانيا ” و التي لم يُعِرْها ” القيصر الجديد بوتين ” أية قيمة أو أهمية تذكر.
أجل إن هذه الحرب هي مقدمة لترتيب جديد لمستقبل العلاقات بين أقطاب العالم ، و هي في الآن نفسه صراع و حرب ” مصالح ” .
إن ” روسيا ” عندما شنت هذه الحرب ، كانت مدركة لترهل السياسة الأمريكية داخليا و خارجيا ، و من معالمه :
– مواقف الرئيس الأمريكي السابق ” ترامب ” الآمرة و الفوقية و التي لم تكن تأخذ بعين الاعتبار مصالح الحلفاء بل و أحيانا تضر بها.
– هجوم مناصري الرئيس ” ترامب ” على المؤسسات الدستورية للدولة .
– انسحاب ” أمريكا ” من ” أفغانستان ” بشكل فوضوي أضر بصورتها و مصداقيتها .
– مشكل صفقة ” الغواصة ” التي غنمت بها ” أمريكا ” على حساب ” فرنسا ” .
و إذن نتيجة التضارب في قرارات البيت الأبيض و ضعفها ، قررت ” روسيا ” التحرك في اتجاه ” أوكرانيا ” لحماية نفسها.
هذا مع العلم ان ” بوتين ” كان قد تساءل في إحدى تصريحاته :
” – أين هو القانون الدولي الذي يطالب الغرب بتطبيقه عندما احتلت القوات الأمريكية “العراق ” و أطاحت برئيسه بل و اعدمته؟ ثم بعد ذلك أكدت من خلال تصريحات مسؤولي تلك المرحلة أن ذريعة : أسلحة الدمار الشامل كانت مجرد أكذوبة.
– و كذلك عندما تدخلت في ” سوريا ” ،” ليبيا ” و ” أفغانستان ” ؟
لقد ردد الغرب في ” كورال جماعي ” أن اجتياح ” روسيا ” ل” أوكرانيا ” ستكون له عواقب وخيمة على المحتل.
كما أن إعلامه ارجع سبب هذه الحرب إلى ” بوتين ” باعتباره شخصية معقدة ذلك أنه عنيف ،استبدادي و يشبه إلى حد كبير ” الفوهرر هتلتر ” في تكوينه و مساره السياسي و في طموحاته الغير المشروعة ، أي أنه يُقَدَّمُ بشكل غير لائق.
من جهة أخرى فإن ” روسيا ” تُرْجِعُ سبب الحرب إلى أنه و ابتداء من سنة 2008 كانت هناك محاولات لإدماج ” أوكرانيا ” و ” جورجيا ” في حلف الشمال الأطلسي ” الناتو ” و قبول عضويتها من خلال برنامج تحضيري .
و كان الرئيس الروسي ” بوتين ” قد احتج بقوة على تلك المحاولة .
و في سنة :2021 ، أعلن من جديد و بشكل علني عدم السماح ل” الولايات المتحدة الأمريكية ” بضم ” أوكرانيا ” إلى الحلف و أن ذلك يمثل خطا احمرا بالنسبة ل ” روسيا ” .
ذلك أن الفصل : 05 من اتفاقية ” الناتو ” يعتبر أن أي هجوم يقع على أي عضو من الحلف يعتبر هجوما موجها على الحلف بأكمله، مما يعني وضع ” موسكو ” في مواجهة : usa ، بريطانيا ،فرنسا و 27 دولة منه.
إن هذه الحرب ربما ستكون مدخلا لتقسيم العالم إلى محاور جديدة .
غير أنه و على هامش هذه الحرب ،يمكن استنتاج ما يلي :
* إعلان ” القيصر بوتين ” أن ” روسيا ” رقم صعب في العلاقات و المصالح الدولية .
* نفاق الغرب و دفاعه و رعايته لمصالحه فقط .
* غياب كلي لأمة ” العرب ” سواء بالرأي أو الفعل لأنها خارج التاريخ .
* بداية نهاية القطب الواحد و دخول العالم منعطفا جديدا سيكون لمحور: الصين ،روسيا و إيران دورا كبيرا في رسم معالمه.
* انتقال صراع المصالح من الشرق الأوسط إلى آسيا الصغرى و القوقاز .
* تراجع الثقة في حلف ” الناتو ” و الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد الأوروبي.
* تشجيع دول أخرى على استعادة أراضي تاريخية باستخدام القوة العسكرية و على رأسها الصين مع الصين الوطنية ( تايوان ) .
* إنذار دول الخليج التي تتوهم أن أمريكا ستتولى الدفاع على عروشها ، بالمصير الذي ينتظرها .
* استشراف العالم لميلاد متغيرات كبيرة و مهمة ، إنه نظام عالمي جديد
وبعد ،
إن الحرب دائما تحمل معها كثيرا من الاوجاع و الإضرار و الدمار و بالتالي لا يسعنا إلا أن نرفع صوتنا مع أحرار العالم و نصيح:
” لا للحرب مهما كانت الأسباب “