د. محمد البدوي :
صدر للأستاذ أحمد العبودي مجموعة قصصية بعنوان: “ومضات ” ، وتقع المجموعة في 168 صفحة من الحجم المتوسط ، تضم 11 قصة وهي على التوالي : مع الشيخ/ رسالة هاتفية/ الحادثة/ المنصب/ المدرس/ الجمعة/ ساعة ببن النجباء/ اللعينة/ موكب النور/ العبور الاخير/ موهبة جانحة.
التقديم للمجموعة كان بقلم القاص والأديب حسن القشتول وقد جاء فيه : « قبل أن يأفل قمر أعمارنا بأضوائه وعتماته، وتغرب شمسها بدفئها وقيظها، وقبل أن يلتهم ظلام العدم سنا حياتنا بابتسامتها ودمعتها… يجدر بنا أن نسارع إلى الإمساك بالومضات القوية التي بصمت هذه الأعمار، سواء منها الحارقة اللافحة المتدفقة من بركان الحياة، أو الحانية اللطيفة الآتية من صفاء السماء. طبعا لكل منا ومضاته التي قد تتشابه في أوجه وقد تختلف في أخرى…عزيزي القارئ، من غير الحكمة أن تطوى بعضٌ من الومضات الخالدة لأعمار بعض العارفين، أمثال القاص أحمد العبودي، في غياهب النسيان، بل يجب أن تعلق كالفوانيس على الأبواب والجدران لتنير دروب القادمين من المجهول بلا زاد، الراغبين في التزود لمواصلة السير إلى اليوم الموعود.”
يمكن اعتبار ” ومضات ” خلاصة مسار ما انتهت إليه تجربة الأستاذ أحمد العبودي ، تجربة امتزج فيها التربوي والسياسي والاجتماعي والإنساني .ومن غير شك يبقى الملمح التربوي البيداغوجي بارزا أكثر من غيره عبر المجموعة القصصية خاصة في : المدرس والجمعة وساعة بين النجباء وموهبة جانحة، من خلالها يسلط القاص العبودي ـ بأسلوبه الخاص ـ الأضواء على زوايا من مهنة التربية والتنشئة الاجتماعية فيجعلها مفعمة بالحياة مغرية وذات جاذبية قوية ، فكأنه يسعى لإعادة الاعتبار للمدرسين بناة المجد وحماة القيم وصناع التغيير الحقيقي… بحسه الأدبي وبنظرة الخبير التربوي (30 سنة في ممارسة التفتيش التربوي) جعل من الدراسة والتدريس عشقا يرجى ومطمحا محمودا. وتنكشف للقارئ أسرار خبرة الكاتب حين يلج به عوالم المؤسسة التربوية أو ينقله لداخل الفصل الدراسي بكل تفاعلاته التي يصنعها المجتمع المدرسي ، هنا يسخر القاص العبودي ما تيسر له من الأدوات الفنية كالارتجاع والبعد النفسي والبعد الجسدي والاجتماعي والصراع الداخلي والخارجي لشخصيات قصصه. ” ومضات ” لمع مضيئة خلف تجربة مهنية أوشكت على التوديع.
