سنة على التقاعد

8 يناير 2022

أسامة الجباري

لقد مرت سنة كاملة كالبرق مرت بخريفها وشتاءها وربيعها وصيفها، مرت سنة على تقاعدي من العمل، كنت أعتقد سابقا أني عندما أتقاعد سيصير الزمن ثقيلا وبطيئا والأيام ستعود لطبيعتها كما عشتها في طفولتي حيث كان العام يمر بنا ونعيش بمتعة كل تفاصيل فصوله الأربعة، صرنا من فرط سرعة عقارب الساعة والأيام لا نكاد نلتقط أنفاسنا حتى تباغتنا سنة جديدة، لقد مرت سنة على تقاعدي ولا أدري هل يليق بي الفرح أم الحزن؟ حاولت قد الإمكان أن أتكيف مع الوضع الجديد وأن أستغل هامش الوقت في القيام بأشياء لم أكن أجد لها متسعا من الوقت في الماضي…لا أنكر أنني صرت أقرأ أكثر وأهتم بأسرتي وبيتي أكثر وأمارس رياضة المشي أكثر وربما صرت أسافر أكثر لكن كلها لم يجعلني أنسى مكتبي وسابق مسؤولياتي وحلاوة خدمة الناس البسطاء وقضاء حوائجهم بل صرت أحن لتلك المرحلة من العمر أكثر وأكثر وأكثر ….
يقول الحكماء “لكل زمان رجاله” فهل نعيش زماننا وزمان غيرنا ؟ الحقيقة التي كنت أحاول أن أخفيها وهي أنني لم أنس للحظة واحدة طوال هذه السنة سابق عملي ومكتبي وزملائي …حاولت قدر الإمكان أن أنسى لأجد نفسي في الكثير من الأحيان في حالة شرود مقتفيا طريقا إلى الإدارة فأعود من حيث أتيت، أشفق على نفسي وأحاول أن أشغلها بأي شيء تافه يقابلني في طريق عودتي ….
مرت سنة كاملة كالبرق لكن ذاك الصباح من يوم أحد لم يمر بسلاسة ككل الأيام لقد ظل محفورا في القلب والذاكرة كما لو أنه وشما أو توحيمة من المستحيل التخلص منها، كنت أتناول فطوري في المقهى فجلس بجانبي شاب مهذب كثيرا ما كنت أشاهده يرتاد المقهى يدعى ” حسن”، ازعجني كثيرا دخان سيجارته ربما شعر بانزعاجي فقام بالتخلص منها بعد أن أخذ نفسا عميقا وأدخل كمية كبيرة من الدخان إلى جسمه النحيل، قال لي مبتسما : ” هنيئا لك استاذ على تقاعدك علمت ذلك من بعض الأصدقاء” وبينما كنت أستعد أن أرد على كلماته الرقيقة تابع قائلا ” ربما لن أعيش أنا أو جيلي فرحة التقاعد لأننا أصلا لن نوظف أو نشتغل قدرنا أن نتقاعد مباشرة عند تخرجنا من الجامعة” … شعرت ساعتها بالإحباط والحزن وقلة الحيلة صرت عاجزا حتى أن أجامله بكلمة مواساة … ما أشقى وطنا يحيا فيه اليأس ويموت الأمل … كفرت بالسياسة والأحزاب والانتخابات ….. ما قيمة كل هذا لو أننا عجزنا أن نمنح جرعة أمل للأجيال القادمة؟
أعتقد أن المسؤولية على عاتقنا جميعا حتى لا ينسل اليأس إلى نفوس شبابنا فتكون النتائج كارثية على المجتمع. أعتقد أنه حان الوقت لكي ننجز في مدينتنا منطقة صناعية تستوعب حسن وأصدقاء حسن، القصر الكبير الآن مؤهل أكثر من أي وقت مضى أن يحظى بمشاريع وجلب للاستثمار، القصر الكبير ممثلة بوزير في الحكومة بينما البرلماني الآخر حزبه هو من يترأس هذه الحكومة أليس هذا كاف ربما لخلق منطقة صناعية وجلب الاستثمار ؟

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading