الوحش ( 2).

منذ ساعتين


_ ذ . ادريس حيدر

كان يتولى كل الأشغال الشاقة في تلك القرية ، و منها تحريك و إدارة تلك العجلة الحجريّة الكبيرة في شكل دائرة من أجل استخراج و استجلاب الماء و تدفقه في المطحنة من الغدير بواسطة دلاء ، لسقي و إرواء الأراضي الفلاحية و الضيعات ( الغرسات)
لم يكن الغريب يتكلم ، لدرجة اعتقد فيها سكان الدوار أنه أبكم .
و كانت نظراته الحادة ، هي لغته التي كان يتحاور و يتفاعل بها مع الغير .
كان يعيش في عزلة كاملة ، و ينام و يقضي لياليه في إحدى زوايا معصرة الزيتون .
أحبه الجميع لأنه كان خدوما ، كما أنه كان مسالما و لا يخلق المشاكل و المتاعب مع الآخر . إلا أن أغلب سكان القرية كانوا يعتقدون ، أن الرجل كان يحمل و يخفي أسرارا لا يريد الإفصاح عنها .
كانت تردد على المعصرة كثير من نسوة القرية ، من أجل طحن و عصر الزيتون و أخذ نصيبهن إلى ديارهن .
و كانت من بينهن ، شابة جميلة جدا بل و فاتنة ، بعينين خضراوتين ، و شعر أشقر منسدل على كتفيها . كانت ذات مبسم جذاب ، خاصة عندما تبتسم أو تضحك ، حيث تبدو أسنانها ناصعة البياض ، مستقيمة الاصطفاف ، مما كان يزيدها جمالا .
كانت كلما تحركت ، إلا و ازدادت إثارة ، خاصة و أنها كانت مفرطة الغنج و الأنوثة ، حيث كانا نهداها يتحركان من الأعلى إلى الأسفل و العكس ، مما كان يزيدها إثارة .
كان ” الوحش / الغريب ” يتعامل معها بكثير من اللطف و الكياسة ، يساعدها و يحمل أثقالها ، بصمت و بابتسامات متكررة ترسم على فمه الكبير ذو الشفتين الغليظتين و المتدليتين إلى الأسفل ، طيلة مقام الشابة في المعصرة .
كان اسمها ” فاطمة الزهراء ” ، و هي ابنة مقدم الدوار .
و كان كل شباب القرية معجبون بها و بل يعشقونها .
و في إحدى أيام فصل الخريف ، و بمناسبة موسم عصر الزيتون ، حاول الغريب على غير عادته تأخير عصر زيتون مقدم الدوار ( أبوها) ، ليستفرد بالفتاة .
و بعد بقاءهما لوحدهما و انصرف الجميع لحال سبيله ، تكلم و نطق ” الوحش” لأول مرة ، و خاطبها قائلا :
” أحبك يا ” فاطمة الزهراء “…!

يتبع …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading