
_ ذ . ادريس حيدر
كان يتولى كل الأشغال الشاقة في تلك القرية ، و منها تحريك و إدارة تلك العجلة الحجريّة الكبيرة في شكل دائرة من أجل استخراج و استجلاب الماء و تدفقه في المطحنة من الغدير بواسطة دلاء ، لسقي و إرواء الأراضي الفلاحية و الضيعات ( الغرسات)
لم يكن الغريب يتكلم ، لدرجة اعتقد فيها سكان الدوار أنه أبكم .
و كانت نظراته الحادة ، هي لغته التي كان يتحاور و يتفاعل بها مع الغير .
كان يعيش في عزلة كاملة ، و ينام و يقضي لياليه في إحدى زوايا معصرة الزيتون .
أحبه الجميع لأنه كان خدوما ، كما أنه كان مسالما و لا يخلق المشاكل و المتاعب مع الآخر . إلا أن أغلب سكان القرية كانوا يعتقدون ، أن الرجل كان يحمل و يخفي أسرارا لا يريد الإفصاح عنها .
كانت تردد على المعصرة كثير من نسوة القرية ، من أجل طحن و عصر الزيتون و أخذ نصيبهن إلى ديارهن .
و كانت من بينهن ، شابة جميلة جدا بل و فاتنة ، بعينين خضراوتين ، و شعر أشقر منسدل على كتفيها . كانت ذات مبسم جذاب ، خاصة عندما تبتسم أو تضحك ، حيث تبدو أسنانها ناصعة البياض ، مستقيمة الاصطفاف ، مما كان يزيدها جمالا .
كانت كلما تحركت ، إلا و ازدادت إثارة ، خاصة و أنها كانت مفرطة الغنج و الأنوثة ، حيث كانا نهداها يتحركان من الأعلى إلى الأسفل و العكس ، مما كان يزيدها إثارة .
كان ” الوحش / الغريب ” يتعامل معها بكثير من اللطف و الكياسة ، يساعدها و يحمل أثقالها ، بصمت و بابتسامات متكررة ترسم على فمه الكبير ذو الشفتين الغليظتين و المتدليتين إلى الأسفل ، طيلة مقام الشابة في المعصرة .
كان اسمها ” فاطمة الزهراء ” ، و هي ابنة مقدم الدوار .
و كان كل شباب القرية معجبون بها و بل يعشقونها .
و في إحدى أيام فصل الخريف ، و بمناسبة موسم عصر الزيتون ، حاول الغريب على غير عادته تأخير عصر زيتون مقدم الدوار ( أبوها) ، ليستفرد بالفتاة .
و بعد بقاءهما لوحدهما و انصرف الجميع لحال سبيله ، تكلم و نطق ” الوحش” لأول مرة ، و خاطبها قائلا :
” أحبك يا ” فاطمة الزهراء “…!
يتبع …